القول في عدة وطئ الشبهة
( والمراد به وطئ الأجنبية بشبهة أنّها حليلته إمّا لشبهة في الموضوع كما لو وطأ
مرأة باعتقاد أنها زوجته أو لشبهة في الحكم كما اذا عقد على أخت الموطوء معتقداً
صحته ودخل بها) .
ما في المسألة تفصيل لموارد الوطئ بالشبهة ولا بحث فيه ، نعم يقع البحث في
تعريفه حيث إنّه عرّف تارة بانه مالم يكن زناءً بلا قيد واخرى مع اضافة عدم ايجابه
الحد ، والاجود بل المتعين الاوّل لعدم الانعكاس في الثاني لشموله الزنا عن اكراه
على تسلم تحقق الاكراه فيه فإنّه زنا لاحد فيه على المكره بالفتح ، ومن المعلوم عدم
كونه محكوماً بالشبهة من حيث العدة وغيرها من الاحكام بل عدم العدة مستفاد من حديث
الرفع ايضاً على العمومية كما لايخفى ، فتعريف الثانى غير مانع منه دون الاوّل حيث
إنّ الزنا عن اكراه زناء قطعاً لكن الامر في التعاريف من حيث الاطراد وعدم الانعكاس
سهل لانّها كاللفظية .
( مسألة 1 ـ لا عـدّة على المزنيّ بها سواء حملت من الزنا أم لا على الأقوى) .
وذلك للاصل ولانصراف الاطلاقات عن الزنا ، فإنّ ما يدل على أنّ العدة من الماء
مثل «انما العدة من الماء»[701] او الدخول مثل «اذا التقى الختانان وجب
العدة»[702] ومثل «اذا ادخله وجب الغسل والمهر والعدة»[703]
منصرفة عن الزنا لانّها راجعة إلى الوطئ المتعارف المشروع لا غير المشروع منه ، مع
أنّ بعض هذه الاطلاقات ورد في الزواج فغير شامل للزنا موضوعاً ، فراجع إن شئت ، ولا
فرق فيه بين الحامل والحائل كما هو مقتضى الاصل ، أمّا الحامل فلا خلاف في عدم
العدة عليها وأمّا الحائل ففي الحدائق وعن تحريرالعلامة وجوب الاعتداد عليها بل
ظاهر الوسائل في عنوانه الباب المنعقد لحكم عدة الزانية وجوبه عليها مطلقاً ففيه
«باب وجوب العدة على الزانية اذا ارادت أن تتزوج الزاني او غيره»[704]
واستدلّ صاحب الحدائق بخبر اسحاق بن جرير ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : قلت
له : «الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها ، هل يحلّ له ذلك ؟ قال : نعم ،
اذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدّتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوّجها ،
وإنّما يجوز له تزويجها بعد أن يقف على توبتها»[705] .
وبخبر تحف العقول ، عن ابي جعفر محمد بن عليّ الجواد(عليهما السلام) : أنه سئل
«عن رجل نكح امرأة على زنا أ يحلّ له أن يتزوّجها ؟ فقال : يدعها حتى يستبرئها من
نطفته ونطفة غيره اذ لايؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثاً كما أحدثت معه ثم
يتزوّج بها إن اراد فانّما مثلها مثل نخلـة أكـل رجل منها حرامـاً ثم اشتراها فأكل
منها حلالا»[706] .
ولايخفى ما في الاستدلال بهما لانهما يوجبان العدة في غير محل الفرض الذي لاعدة
فيه اجماعاً فإنّ الروايتين تقتضيان العدة على المزني بها للزاني والعدّة إنّما
جعلت ـ في الموارد التي حكم بها مثل الطلاق والفسخ وسائر الموارد ـ لغير الزوج
والواطي فإنّ الزوج المطلّق يجوزله تزويج زوجته المختلعة في اثناء العدّة ويجوز
للفاسخ التّزوج في عدة فسخه وكذا في المتعة يجوزله تزويج المتمتّع بها في عدّة نفسه
بعد انتهاء المدّة او هبتها ، فالعدّة إنّما جعلت للغير في نكاحه للمعتدّة لالنفس
الزوج في المعتدة عنه والزّواج بعد الزنا ليس باولى من الزواج في عدّة الطلاق
والفسخ والمتعة .
ومن ذلك يظهر أنّ الروايتين ليستا بصددبيان العدّة المعهودة بل ليس بازيد من
التكليف بالانتظار إلى استبراء الرّحم ، سوا كان تحريميّاً او تنزيهياً إن لم يكن
ارشاداً .
لايقال : إنّ حكمة العدّة وهي عدم اختلاط المياه موجودة هنا .
فإنّه يقال : إنّه حكمة لاعلّة ، هذا أولاً ، وثانياً أنّ اختلاط المياه بالنسبة
إلى الزوج نفسه غير معقول والرّواية الاولى ايضاً ظاهرة في الاعتداد باستبراء رحمها
من ماء فجور الزاني نفسه ، فالرواية الثانية وإن كانت ظاهرة في الاستبراء من نطفته
ونطفة غيره ولكن علّله بعده بقوله «اذ لايُؤمن منها أن تكون قد احدثت مع غيره حدثاً
كما احدثت معه» فإنّ التعليل دالّ على احتمال ماء الغير في الرّحم ولكن الاصل عدمه
ما لم يقم عليه حجّة ، فالعدة إن كانت ، إنّما تكون للزاني نفسه ومعه لايعقل اختلاط
المياه ، مضافاً إلى ضعف سند الرواية الثانية ، وأمّا الرواية الاولى وإن كانت
بطريق الكليني مرسلة ولكنّها صحيحة بطريق الشيخ مع أ نّهما مطلقتان شاملتان للحائل
والحامل واختصاصه بالحائل غير تمام .
هذا كله مضافاً إلى أنّ المستفاد من قوله تعالى : (فما لكم عليهن من عدّة)[707]
كون العدة حقّاً للزوج فإنّها جعلت رعاية لحرمة الزوج ولا حرمة لماء البغىّ وأنّ
الولد للفراش وللعاهر الحجر[708] .
( وأمّا الموطوءة شبهة فعليها عدّة سواء كانت ذات بعل أو خلية ، وسواء كانت
لشبهة من الطرفين أو من طرف الواطئ) .
قضاءً لاطلاق الروايات منها : صحيحة عبدالله بن سنان عن ابي عبدالله(عليه
السلام)« . . . اذا ادخله وجب الغسل والمهر والعدّة»[709] .
ومنها : صحيحة الحلبى عن ابي عبدالله(عليه السلام) «في رجل دخل بامرأة قال : اذا
التقى الختانان وجب المهر والعدّة»[710]
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : سألتهُ عن الرجل
والمرأة متى يجب عليهما الغسل ؟ قال : اذا ادخله وجب الغسل والمهر والرجم»[711]
.
فإنّ هذه المطلقات دالّة على وجوب العدّة بمجرّد الدخول ، سواء انزل ام لا وسواء
كان الدخول عن زواج او شبهة .
( بل الأحوط لزومها إن كانت من طرف الموطوءة خاصة) .
فإنّ في المسألة قولين ; العدّة للاطلاقات ، وعدمها للاصل ولانّها لحرمة الزوج
ولا حرمة لماء البغيّ . والحق هو الثاني لأنّ الانصراف الموجود في الزنا المتحقق من
الطرفين موجود هنا ايضاً فالاطلاقات منصرفة عن هذا ايضاً . ولك أن تقول : إنّ منشأ
الانصراف هو أنّ العدة إنّما جعلت رعاية لحرمة الزوج ولا حرمة لماء البغىّ فإنّ
الولد للفراش وللعاهر الحجر ، فالاحوط لزوم العدّة إن كانت الشبهة من طرف الموطوءة
خاصّةً وإن كان عدم اللزوم لايخلو عن قوّة .
( مسألة 2 ـ عدّة وطئ الشبهة كعدّة الطلاق بالأقراء والشهور وبوضع الحمل لو حملت
من هذا الوطئ على التفصيل المتقدم) .
لأنّ المتبادر من العدّة هو عدة الطلاق لا المتعة فإنّها الاصل في العدّة في
الكتاب والسنّة .
( ومن لم يكن عليها عدّة الطلاق كالصغيرة واليائسة ليس عليها هذه العدّة ايضاً)
.