فرع
مقتضى اتفاقهم وما فهموه من نصوص العسيلة من ارادة الدخول كون الخصي يحلّل
المطلّقة ثلاثاً اذا وطأها وحصلت فيه الشرائط السابقة ولكن في رواية محمد بن مضارب
دلالة على عدمها ; قال : «سألت الرضا(عليه السلام) عن الخصىّ يحلّل ؟ قال :
لايحلّل»[424] .
وهي ضعيفة السند فإنّ ابن المضارب مجهول ومحض نقل صفوان من اصحاب الاجماع عنه
غير كاف في الاعتبار إلاّ على تفسير خاص في اصحاب الاجماع لكنّه غير تمام كما حقّق
في محله ، ولاجابر لها بل لم اجد عاملاً بها إلاّ ما عساه يظهر من الشيخ الحرّ في
وسائله فلا بأس بحملها على خصي لايحصل منه الجماع او اللّذة الكاملة المتعارفة ،
على أنّ الرواية قد رواها الشيخ في زيادات النكاح من التهذيب بهذا الاسناد عن
الرضا(عليه السلام)قال : سألته «عن الخصيّ يحلّ ؟ قال : لايحلّ»[425] .
وارادة التحليل منه خلاف المتعارف في التعبير ، فلذا احتمل ارادة حلّ نظره إلى
المرأة أو عقده من دون الاختبار بحاله ، بل ربّما احتمل ارادة سلّ الانثيين الذي
لايجوز في الانسان ، أو أكل الخصيتين ، وإن كان رسم الكتابة بالياء في النسخ
الصحيحة يأباهما . وعلى كل حال فهو شاذ ضعيف مضطرب .
ثم إنّ الظاهر من اطلاق الدخول في الفتاوى والمتن وعدم التقيّد بالالتذاذ عدم
اعتباره ، لكنّ الظاهر اعتباره ولزوم تقييد الدخول به فلا اعتبار بالدخول من دونه
قضاءً للانصراف من الدخول وكونه القدر المتيقن من ذوق العسيلة ; فتامّل .
( مسألة 7 ـ لو طلّقها ثلاثاً وانقضت مدة وادّعت أنّها تزوّجت وفارقها الزوج
الثاني ومضت العدّة واحتمل صدقها صدّقت ويقبل قولها بلايمين ، فللزوج الاوّل أن
ينكحها ، وليس عليه الفحص ، والأحوط الاقتصار على ما اذا كانت ثقة أمينة) .
وفي المسألة احتمالات ووجوه ، ثالثها التفصيل بين الثقة الامينة وغيرها ورابعها
التفصيل بين الحرجىّ من الفحص وغيره بالقبول في الاوّل منهما دون الثاني والاوّل هو
المشهور وظاهر المحقق في الشرائع والنافع التوقف في ذلك واليه يميل كلام الفاضل
الخراساني في الكفاية .
واستدلّ للمشهور بوجوه : احدها : أنّ في جملة ذلك ما لايعلم إلاّ منها كالوطئ
وانقضأ العدّة فالمورد مشمول لقاعدة حجّية قولها في ما لايعلم إلاّ من قبلها .
ثانيها : قاعدة قبول قول من لامنازع له فإنّها مستفادة من الاخبار في جزئيات
الاحكام ومنها صحيحة منصور بن حازم عن ابي عبدالله(عليه السلام)قال : قلت : «عشرة
كانوا جلوساً وفي وسطهم كيس فيه ألف درهم فسأل بعضهم بعضاً : ألكم هذا الكيس ؟
فقالوا كلهم : لا ، وقال واحد منهم : هو لي فلمن هو ؟ قال : هو الذي ادّعاه»[426]
.
وثالثها : لزوم العسر والحرج عليها مع عدم السماع وفي المسالك في تعليل القول
المشهور «ولانّها مؤتمنة في انقضاء العدّة والوطئ ممّا لايمكن اقامة البيّنة عليه ،
وربما مات الزوج أو تعذّر مصادقته بغيبة ونحوها ، فلو لم يقبل منها ذلك لزم الاضرار
بها والحرج المنفيّان»[427] .
ورابعها : وهو العمدة ، صحيحة حمّاد عن ابي عبدالله(عليه السلام) «في رجل طلّق
امرأته ثلاثاً فبانت منه فأراد مراجعتها فقال لها : إنّي اُريد مراجعتك فتزوّجي
زوجاً غيري ، فقالت له : قد تزوّجت زوجاً غيرك وحلّلت لك نفسي ، أيصدّق قولها
ويراجعها ؟ وكيف يصنع ؟ قال : اذا كانت المرأة ثقة صدّقت في قولها»[428]
.
والصحيحة متفردة في الادلة الاربعة باشتراط الوثاقة وهي مخالفة في الاشتراط
للمشهور ايضاً لاطلاق فتاواهم بل في الجواهر عدم القائل به وما في الحدائق من الحمل
على الأفضلية في المتّهمة جمعاً بينها وبين الاخبار الدلالة على كراهة السؤال ولو
مع التهمة[429] بأنّ الافضل مع التهمة المشعر عليها رغبتها في الرجوع
إلى الزوج بعد امره ايّاها بالتحليل الفحص والتثبّت والعمل بقولها مع ذلك الشرط .
ففيه أوّلاً انّه لاملازمة بين اظهار الرغبة بعد الامر واتّهامها حيث إنّ غالب
النساء قلوبهنّ مائلة إلى الزوج الاوّل ، فتأمّل .
وثانياً لاتعارض بينها وبين الصحيحة لاختلاف الموضوع فإنّها مربوطة بخلوّها عن
الزوج وهو غير اشتراط الحلّ في الطلاق الثلاث بالنكاح المصرّح به في الكتاب والسنّة
، والصحيحة مربوطة بالثاني ، فكم بينهما من الفرق ، نعم عدم القائل به وعدم مدخلية
الوثاقة في تصديق ما لايعلم إلاّ من قبلها وتصديق قول من لامنازع له ممّا يوهن
الاشتراط ، لكنّ الاحتياط كما في المتن في محلّه ، والمشهور هوالمنصور للصحيحة
وأمّا بقية الوجوه وإن كانت مطلقة وموافقة للمشهور إلاّ أنّ الاستدلال بها غير تمام
لأنّ مثل الزواج والطلاق من الامور الاربعة في الحلّيّة ليس من الامور التي لايعلم
إلاّ من قبلها ، فالقاعدة غير شاملة لمحل البحث . هذا في الوجه الاوّل .
وأمّا الثاني فإنّما القاعدة مختصّة بالمتناول من المدّعي الذي لامعارض له لعدم
تعلّق خطاب مخصوص بالمتناول ، لاعامّة لمطلق التناول ولو مع الخطاب المخصوص ولذلك
لايجوز دفع الوديعة اليه مثلاً بمجرّد دعوى الوكالة او الانتقال اليه مع أنّ دعواه
الوكالة بلا معارض ، لكن حيث إنّ الدافع له التكليف والخطاب بدفع المال إلى صاحبه
مباشرة او نيابة فعليه العمل بذلك التكليف عن حجّة شرعيّة وهي غير موجودة يكون
الدفع غير جايز والمقام من هذا القبيل حيث إنّ جواز النكاح للزوج وحلّية الزوجة
المطلّقة له مشروطة بالمحلّل ونكاح الغير وهو مكلّف بالعلم والحجة عليهما ، وبعبارة
اخرى ، القاعدة مخصوصة بما لايلزم فيه إلاّ الدعوى مع عدم المعارض ، مثل ما في
الصحيحة المنقولة .
وأمّا الثالث ففيه : أ نّه اخصّ من المدّعى لامكان عدم الحرج لها في التزوّج
بغير الزوج من الاجانب ، نعم في مورد الحرج دعواها مسموعة بانتفاء الحرج كما لايخفى[430]
.
( مسألة 8 ـ لو دخل المحلّل فادّعت الدخول ولم يكذّبها صدّقت وحلّت للزوج
الأوّل) .
بلا خلاف ولا اشكال[431] . لكونه امراً لايعلم إلاّ من قبلهما وعدم
تكذيبه ايّاها ولو بالسكوت كاف في التصديق فإنّ قولها قول بلامنازع وأمّا مع تصديقه
لها فالحكم واضح .
( وإن كذّبها فالأحوط الاقتصار في قبول قولها على صورة حصول الاطمئنان بصدقها) .
وفي المسألة ثلاثة اقوال ، احدها : القبول ففي الشرائع انّه حسن وفي القواعد
انّه الاقرب وفي المسالك هوالاقوى .
ثانيها : العمل بمايغلب على ظنّه من صدقها او صدق المحلل كما عن الشيخ في
المبسوط .
ثالثها : العمل بالاطمئنان دون الظنّ ، واستدلّ للشيخ بأنّ الفرض تعذّر البيّنة
على مثل تلك الدعوى فلابدّ من مراعاة الظنّ لاعتباره في الشرع غالباً ، وهو كما ترى
لعدم الانسداد اوّلاً واختصاصه على التمامية بالاحكام دون الموضوعات ثانياً[432]
.
واستدل للمحقق بتعذّر اقامة البينة عليه اوّلاً ، وانّه لايعلم إلاّ من قبلها
وأنّ دعواها بلامعارض فهي حجة ثانياً ، وأنّ قولها كما هو حجة في انقضاء العدّة فهو
حجة في سببها ايضاً ، ثالثاً ، ولانّه لولا القبول لزم الضرر والحرج رابعاً .
اقول : وفي الكل اشكال ; أمّا الاوّل فضعفه ظاهر والثاني فإنّه مختص بدعوى
لامعارض لها والمعارض هنا وهو دعوى المحلّل موجود ، وأمّا مثل الضرر والحرج ففيه ما
مرّ ، وأمّا تنظير الدعوى بانقضاء العدّة فاشبه شيء بالقياس .
هذا ولقائل أن يقول : الايراد بوجود المعارض ليس بتمام لانّه ليس بمعارض لها
إلاّ في تنصيف المهر او في اصل النكاح وهو لايرتبط بالبحث فإنّ الزوج الثاني لايعدّ
منكراً . ثم إنّ مقتضى القاعدة عدم الجواز إلاّ أن يحرز الدخول ولو بالاطمئنان ،
نعم يمكن الغاء الخصوصية من صحيحة حمّاد المذكورة آنفاً والقول بسماع قول المرأة إن
كانت ثقة ، فتأمّل .
( ولو ادّعت الاصابة ثم رجعت عن قولها فإن كان قبل أن يعقد الاوّل عليها لم تحلّ
له ، وان كان بعده لم يقبل رجوعها) .
وجه عدم الحلّية له مع الرجوع قبل العقد واضح فإنّ رجوعها كادّعائها يكون
مسموعاً وحجّة ، وأمّا عدم قبول الرجوع بعد العقد فلانّه اقرار في حق الغير .