( سواء كان تامّاً او غيره ولو كان مضغة أو علقة ان تحقق انه حمل) .
قضاءً لاطلاق الادلة ، ولموثقة عبدالرحمن بن الحجاج ، عن ابي الحسن(عليه
السلام)قال : سألته «عن الحبلى اذا طلّقها زوجها فوضعت سقطاً تمّ او لم يتمّ او
وضعته مضغة فقال : كل شيء يستبين انّه حمل تمّ او لم يتمّ فقد انقضت عدّتها وإن كان
مضغة»[504] .
لاينبغي الكلام في مورد النص وهو المضغة وأمّا العلقة والنطفة ففيهما الكلام وإن
كان في الاخير اكثر لكن مع كونه مستقرّاً ومنشأ لادمي وموجباً للدّية في اسقاطه
وإلاّ فمع عدم المنشأيّة فلا عبرة به اجماعاً بقسميه وغير مشمول للادّلة قطعاً ،
ففي المسالك : فيه وجهان ، من الشكّ في كونه قد صار حملاً[505] . لكن من
المعلوم عدم العبرة به مع الشكّ في كونه حملاً ، ضرورة عدم تحقق الاندراج في اولات
الاحمال . وفي الجواهر عن ظاهر الشيخ الحكم بانقضاء العدّة بها مطلقاً ، وفي
الحدائق الاشكال عليه للشكّ في كونه قد صار حملاً ويأتي مثل ذلك في العلقة من الدم
التي لاتخطيط فيها ووافق الشيخ هنا جماعة من الاصحاب ، منهم المحقّق .
ولايخفى أنّ المستفاد من كلماتهم ان النزاع لفظي والاختلاف في صدق الحمل عليها
وعدمه ، فإنّه الموضوع في الادلّة ، والظاهر هوالصدق ، كما انّه على تسليم عدم
الصدق فحكمه كذلك ايضاً لالغاء الخصوصية من الحمل إلى منشأه والعلقة مثلها كلاماً
وحكماً ودليلاً والغاءً كما لايخفى على المتأمّل .
لايقال : إنّ النزاع فقهي وذلك لدلالة الموثقة على ان المقدّر الاقلّ فيها
المضغة .
لأ نّه يقال : إنّ هنا تعارضاً بين الكلي والمثال اي الممثل والمثال ، فظاهر
المثال انّه الاقلّ وليس دونه الحمل وظاهر الممثّل الاعميّة وأنّ المعيار هو الحمل
فالتعارض كالتعارض بين الصدر والذيل واظهريّة الصدر غير بعيدة . هذا مضافاً إلى
النقض بالمذكور في كلام الاصحاب وهو العلقة ، مع أنّ ذكر المضعة في جوابه(عليه
السلام) لذكرها في السؤال فلا مفهوم له .
( مسألة 6 ـ إنّما تنقضي العدّة بالوضع اذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة ،
فلاعبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدّته ، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو
بعده لم تخرج منها به ، بل يكون انقضاؤها بالأقراء والشهور كغير الحامل ، فوضع
الحمل لا أثر له أصلا ، نعم اذا حملت من وطئ الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق
الولد بالواطئ لا بالزوج فوضعه سبب لانقضاء العدّة بالنسبة اليه لا الزوج المطلّق)
.
وذلك لانصراف الادلة من الكتاب والسنة ، إلى وضع الحمل من المطلّق ومن الحق به ،
وهو مؤيّد بعدم تداخل عدة الوطئ بالشبهة والنكاح فإنّه ظاهر في الاختصاص . هذا
مضافاً إلى عدم العدّة للزنا لعدم الحرمة للبغي كما مرّ فلا تنقضي عدّة الطلاق به .
ثم في كشف اللثام والجواهر الاستدلال بعدم كفاية الوضع من الزنا بأنّ العدّة
لاستبراء الرحم ووضع الحمل من الزنا غير كاف فيه ، ومرادهما غير معلوم ، لوضوح حصول
الاستبراء بالوضع إلاّ أن يقال : إنّه من الممكن انعقاد نطفة بالزنا ونطفة بالنكاح
فبوضع الاوّل لاتنقضى العدّة .
( مسألة 7 ـ لو كانت حاملا باثنين فالأقوى عدم البينونة إلاّ بوضعهما فللزوج
الرجوع بعد وضع الاوّل ، لكن لاينبغي ترك الاحتياط ، ولاتنكح زوجاً إلاّ بعد
وضعهما) .
وفي المسألة خلاف ، فعن غير واحد من الاصحاب بل المعروف بينهم انقضائها بوضعهما
، وعن بعضهم حصول البينونة بالاوّل وأمّا تزويجها بالآخر فبوضع الثاني ، وهو مختار
الشيخ في النهاية وكذا ابن حمزة وصاحبي الحدائق والوسائل .
استدلّ للمشهور بظاهر الادلة وبالاستصحاب والاحتياط ، وللثاني برواية عبدالرحمن
بن البصرى ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته «عن رجل طلّق امرأته وهي حبلى
وكان في بطنها اثنان فوضعت واحداً وبقي واحد ، قال : تبين بالاوّل ولاتحّل للأزواج
حتى تضع ما في بطنها»[506] .
وهي كالنص بل نصّ في المسألة لكن في سندها الضعف بجعفر بن سماعة . ومنه قد ظهر
حكم فروع اخرى كخروج بعض الولد وموتها وعدم انقضائها ، وممّا استدلّ به للمشهور
يظهر حكم خروج بعض الولد فالعدّة غير منقضية واحكام الزوجية مع رجعية الطلاق مترتبة
فإن مات الزوجة في تلك الحال يرثه الزوج ويكون محرماً لها واولى بغسلها ودفنها من
الغير ; نعم إن كان الباقي جزءً غير معتدّ به كاصبع مقطوع من الطفل مثلاً فلا
اعتداد به والانقضاء بصدق الوضع محقّق .
ثمّ إنّ الاخراج بالعلاج من غير المجرى الطبيعي في الانابيب الطبيّة كالوضع
الطبيعي والعادي ، قضاءً للفحوى والغاء الخصوصية فإنّ المناط خروج الولد واستبراء
الرحم وذلك حاصل بالاخراج كالوضع من دون فرق بينهما .
( مسألة 8 ـ لو وطئت شبهة فحملت وألحق الولد بالواطئ لبُعد الزوج عنها أو لغير
ذلك ثمّ طلّقها أو وطئت شبهة بعد الطلاق على نحو ألحق الولد بالواطئ كانت عليها
عدّتان : عدة لوطئ الشبهة تنقضي بالوضع وعدة للطلاق تستأنفها فيما بعده) .
والكلام في هذه المسألة في تداخل عدتي الطلاق والشبهة وعدمه ، والثاني هو
المشهور بل عن الخلاف الاجماع عليه ، لكن عن ابي علي والصدوق والمحكىّ عن موضع من
مقنعه الاوّل اي التداخل ، فعلى المشهور لو وطئت المرأة شبهة والحق الولد بالواطي
لبعد الزوج عنها ونحوه ممّا يعلم به عدم كونه له ثم طلّقها الزوج اعتدّت بالوضع من
الواطي ثم استأنفت عدّة الطلاق بعدالوضع . فلو فرض تأخر دم النفاس عنه لحظة حسب
قرءً من العدّة الثانية وإلاّ كان ابتداء العدّة بعده ، بل لو فرض تأخر الوطىء
المزبور عن الطلاق كان الحكم كذلك ايضاً لعدم امكان تأخير عدّته التي هي وضع الحمل
فليس حينئذ إلاّ تأخير اكمال عدّة الطلاق على المفروض .
وكيف كان فاستدلّ له مضافاً إلى القاعدة ، فإنّ تعدّد السبب موجب لتعدّد المسبّب
والتداخل محتاج إلى الدليل ، باخبار اربعة اثنان منها عن السيّدالمرتضى في الطبريات
«أن امرأة نكحت في العدّة ففرّق بينهما اميرالمؤمنين(عليه السلام) وقال : «ايما
امرأة نكحت في عدّتها فإن لم يدخل بها زوجها الّذي تزوّجها فإنّها تعتد من الاوّل ،
ولاعدّة عليها للثاني ، وكان خاطباً من الخطّاب ، وإن كان دخل بها فرّق بينهما ،
وتأتي ببقية العدّة عن الاوّل ثم تأتي عن الثاني بثلاثة أقراء مستقبلة» وروى مثل
ذلك بعينه عن عمر[507] وأنّ طليحة كانت تحت رشيد الثقفي فطلّقها ،
فنكحت في العدّة ، فضربها عمر ، وضرب زوجها بمخفقة وفرّق بينهما ، ثم قال : أيّما
امرأة نكحت في عدّتها فإن لم يدخل بها زوجها الذي تزوّجها فإنّها تعتدّ عن الاوّل ،
ولا عدّة عليها للثاني ، وكان خاطباً من الخُطّاب ، وإن كان دخل بها فرّق بينهما ،
وأتت ببقية عدّة الاوّل ، ثم تعتدّ عن الثاني ، ولاتحلّ له أبداً» ولم يظهر خلاف
لما فعل فصار اجماعاً»[508] .
ثالثها صحيحة الحلبي ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته «عن المرأة
الحبلى يموت زوجها فتضع وتزوّج قبل أن تمضي لها أربعة أشهر وعشراً فقال : إن كان
دخل بها فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً واعتدّت بما بقي عليها من الاوّل واستقبلت
عدة اخرى من الآخر ثلاثة قروء وإن لم يكن دخل بها فرّق بينهما واعتدّت بما بقي
عليها من الاوّل وهو خاطب من الخطّاب»[509] .
رابعها ما عن عبدالكريم عن محمد بن مسلم وهو مثل الصحيحة ولايخفى عليك أنّ
السيّد(قدس سره( استدلّ باجماع الاصحاب ايضاً وعلى الآخر اي التداخل مضافاً إلى
اصالة البراءة المقطوعة بما عرفت وإلى حصول العلم بالبراءة بالاعتداد باطولهما
المردود بأ نّها حكمة لاعلّة ، بالاخبار الثلاثة : احدها : صحيحة زرارة ، عن ابي
جعفر)عليه السلام)«في امرأة تزوّجت قبل أن تنقضي عدّتها قال : يفرّق بينهما وتعتدّ
عدّة واحدة منهما جميعاً»[510] .
ثانيها : موثقة ابي العباس البقباق ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) «في امرأة
تزوّج في عدّتها قال : يفرّق بينهما وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً»[511]
.
ثالثها : صحيحة زرارة الثانية ، عن ابي جعفر(عليه السلام( قال : سألته «عن امرأة
نعي اليها زوجها فاعتدّت وتزوّجت فجاء زوجها الاوّل ففارقها الآخر كم تعتدّ للثاني
؟ قال : ثلاثة قروء وإنمّا يستبرء رحمها بثلاثة قروء وتحلّ للناس كلهم . قال زرارة
: وذلك أنّ ناساً قالوا تعتدّ عدّتين ، من كل واحد عدّة ، فأبى ذلك أبوجعفر)عليه
السلام) وقال : تعتدّ ثلاثة قروء وتحلّ للرجال»[512] .
وهذه الروايات وإن كانت دلالتها كسندها تامّة لكنها لاعراض الاصحاب عنها غير
قابلة للاعتماد فإنّ اعراضهم عنها مع كونها بمرأى ومنظر منهم ومع ما في الصحيحة
الثانية من أنّ التعدّد مذهب العامة المقرِّب للحمل على التقية كاشف عن خلل فيها
وكيف لايكون كاشفاً مع أ نّهم عمد الفقه وفيهم ائمّة الحديث والفقه ، وبذلك يظهر لك
عدم الدقّة والتحقيق للحدائق وإن كان محيطاً بالاخبار والآثار ومطّلعاً عليها ،
ففيه قال في آخر المسألة : وبالجمله فإنّهم لقصور تتبّعهم للاخبار يقعون في مثل هذا
وامثاله . انتهى . نعوذ بالله من امثال هذه الكلمات ونسأل الله الهداية إلى الطيّب
من القول وإلى صراط مستقيم .
( وكان مدّتها بعد انقضاء نفاسها اذا اتصل بالوضع) .