فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیله‌‏ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیله‌‏ - نسخه متنی

یوسف صانعی؛ تقریر کننده: ضیاء المرتضوی؛ شارح: روح الله خمینی(ره)

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



وهو لصدق الاعتداد من حين الطلاق .


( والأحوط أن تعتدّ من حين بلوغ الخبر اليها ، بل هذا الاحتياط لايترك) .

ويؤيّده ما قاله في الجواهر : «أمّا اذا فرض علمها بسبق ذلك وإن لم تعلم بالخصوص
، اعتدّت بمقدار ما علمته من المدّة ثم أكملته بعد ذلك بما يتمّها ، لتطابق النص
والفتوى على اعتداد المطلّقة من حين الطلاق وإن لم تعلم به ، ففي الفرض تعلم انقضاء
جملة من عدّتها ، فلتعتدّ باحتسابه ، ولكن مع ذلك فالاحتياط لاينبغي تركه»[652]
.

( مسألة 11 ـ لو فقد الرجل وغاب غيبة منقطعة ولم يبلغ منه خبر ولا ظهر منه أثر
ولم يعلم موته وحياته فإن بقي له مال تنفق به زوجته أو كان له ولي يتولى أموره
ويتصدّى لانفاقه أو متبرع للانفاق عليها وجب عليها الصبر والانتظار ، ولايجوز لها
أن تتزوّج أبداً حتى تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه ، وإن لم يكن ذلك فإن صبرت فلها ذلك
، وإن لم تصبر وأرادت الزواج رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي ، فيؤجّلها أربع سنين من
حين الرفع اليه ثم يتفحص عنه في تلك المدّة ، فإن لم يتبيّن موته ولا حياته فإن كان
للغائب ولي أعني من كان يتولى أموره بتفويضه أو توكيله يأمره الحاكم بطلاقها ، وإن
لم يقدم أجبره عليه ، وإن لم يكن له ولي أو لم يقدم ولم يمكن اجباره طلّقها الحاكم
، ثم تعتدّ أربعة أشهر وعشراً عدة الوفاة ، فاذا تمت هذه الأمور جازلها التزويج بلا
اشكال وفى اعتبار بعض ما ذكر تأمل ونظر إلاّ أنّ اعتبار الجميع هو الاحوط) .

بل هو الاحوط المتيقّن واطلاق المتن كغيره من عبائر الاصحاب شامل لما كان البقاء
على الزوجية حرجيّاً لها حتى من جهة أ نّها تريد ما تريد النساء المصرّح به في صحيح
الحلبي[653] او غير حرجىٍّ كشموله لكلّ زوج مفقود بلا فرق بين الغيبة
في البلد وغيرها ، وبين كونها عن اختيار وغيره ، وبين الفرار عن الديون وغيره ،
وغير ذلك من الوجوه .

هذا ويقع الكلام في مقامين ; احدهما : ما يقتضيه القواعد والثاني : في ما هو
المستفاد من النصوص والفتاوى .

أمّا الاوّل : فمقتضاها لزوم الصبر عليها مطلقاً حتى مع الحرج الشديد وحتى مع
الصبر إلى مائة سنة ، قضاءً لاستصحاب حياته وحرمة الزواج عليها إلى معلومية الموت ،
ولكن مقتضى نفي الحرج ونفي الضرار وكذا ما يستفاد من الاشارة الموجودة في قوله
تعالى (فامساك بمعروف او تسريح باحسان)[654] جواز الفسخ لها اذا كان
البقاء على الزوجية مستلزماً للضرر والحرج عليها من دون الفرق فى الحرج من أ نّها
تريد ما تريد النساء او من غيره حتى للحرج من جهة الاتهام وصعوبة المعيشة من دون
حضور الزوج ومن غيرهما من الجهات الموجبة للحرج وذلك لحكومة ادلّة الحرج على ادّلة
لزوم النكاح فإنّه المنشأ للحرج ، فكما أنّ العيوب الخاصّة في الزوج سبب لفسخ
الزوجة بحكمة الحرج او علّته فكذلك الحرج في المقام ، بل وكيف لايكون كذلك مع صحة
الفسخ من الزوج في عيوب الزوجة والحال أنّ بيده الطلاق ففسخ الزوجة للحرج اولى ،
نعم رعاية الاحتياط موجبة لكون الطلاق من الحاكم ولاية ومع عدم بسط يده او عدم
امكان وصول اليد ، من عدول المؤمنين كذلك ، ومن ذلك يظهر أ نّه لا فرق بين وجود
المنفق وعدمه ، وبين وجود الولي وعدمـه ، وبين الرفـع إلى الحاكم وعدمه ، وبين مضىّ
اربع سنوات وعدمه مع اشتراك الكل في الحرج .

نعم إن كان الفقدان من جانبها وكانت هي السبب له فهو حرج وضرر مقدم خارج عن
الحكم المذكور ، فإنّ القاعدة إمّا ظاهرة في غيره او منصرفة عنه ، فهي مختصّة بغير
المقدم وبما كان الحرج من ناحية الشرع .

ولايخفى أنّ عدّتها عدّة الطلاق فسخاً كان او طلاقاً . وتوهّم أنّ عموم القاعدة
مخصصة وغير جارية في المفقود زوجها قضاءً لاطلاق فتوى الاصحاب في حكمها الخاص
ولصراحة صحيح الحلبي بجريان الحكم ولو أ نّها تريد ما تريد النساء ففيه : بعد الحكم
بالفحص وبعث الوالي وامره الولىّ بالانفاق عليها وأ نّها امرأته ما انفق عليها ،
قال : «قلت : فإنّها تقول فانّي اريد ما تريد النساء قال : ليس ذاك لها ولاكرامة» ،
ففيه : أنّ النص كما يأتي ظاهر في ما دون الحرج بقرينة التعبير بمثل «لا كرامة» ولو
سلّم فاطلاقه مناف ومعارض لقاعدة نفي الحرج وهي حاكمة على جميع الاطلاقات الاوّلية
والثانوية حتى قاعدة نفي الضرر ، وأمّا اطلاق كلامهم فإن كان ويشمل صورة الحرج
لكنّه منصرف عنه لعدم الابتلاء به وإن ابيت عن اطلاقه فمقيّد كاطلاق الاخبار بغير
الحرج كما لايخفى .

هذا ، كما أن مقتضى القاعدة بقاء الزوجية ولزوم الصبر إن لم يكن عليها حرج فيه ،
قضاءً للاصول والقواعد فالمتبع هو القاعدة ، والروايات إنّما هي في رتبة ثانية فمع
منافاة اطلاق الروايات او ظاهرها للقاعدة يؤخذ بالقاعدة لأ نّها حاكمة على جميع
الأدلة ، ولأنّ لسانها آب عن التخصيص حيث قال تعالى : (ما جعل عليكم في الدين من
حرج)[655] فإنّ النفي قد تعلّق باصل الجعل في الدين وكذا غيره ممّا يدل
على كون الشريعة سهلة سمحة . واليك ما قاله السيد الطباطبايي(قدس سره) في ملحقات
عروته :

«في المفقود الّذي لم يعلم خبره وأ نّه حيّ أو ميت اذا لم يمكن إعمال الكيفيات
المذكورة في تخليص زوجته لمانع من الموانع ولو من جهة عدم النفقة لها في المدّة
المضروبة ، وعدم وجود باذل من متبرّع أو من وليّ الزوج ، لايبعد جواز طلاقها للحاكم
الشرعي مع مطالبتها وعدم صبرها ، بل وكذا المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته
من الصبر ، بل وفي غير المفقود ممّن علم أ نّه محبوس في مكان لايمكن مجيؤه أبداً ،
وكذا في الحاضر المعسر الّذي لايتمكن من الانفاق مع عدم صبر زوجته على هذه الحالة ،
ففي جميع هذه الصور وأشباهها وإن كان ظاهر كلماتهم عدم جواز فكّها وطلاقها للحاكم
لأنّ الطلاق بيد من أخد بالساق ، إلاّ أ نّه يمكن أن يقال بجوازه لقاعدة نفي الحرج
والضرر ، خصوصاً اذا كانت شابّة واستلزم صبرها طول عمرها وقوعها في مشقة شديدة ،
ولما يمكن أن يستفاد من بعض الأخبار ، كصحيح ربعي والفضيل بن يسار ، عن أبي
عبدالله(عليه السلام( «فى قول الله عزّ وجلّ )ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه
الله)[656] قال : اذا أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلاّ فرّق
بينهما»[657] وصحيح أبي بصير قال : سمعت أباجعفر(عليه السلام) يقول :
«من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقاً على
الامام أن يفرّق بينهما»[658] .

والصحيح عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج قال : «لايجبر الرجل إلاّ في نفقة
الأبوين والولد» . قال ابن أبي عمير : قلت لجميل : «والمرأة ؟ قال : قد روى عنبسة
عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «اذا كساها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم
صلبها قامت معه وإلاّ طلّقها»[659] . اذ الظاهر أنّ المراد أنّه يجبر
على طلاقها واذا لم يمكن اجباره لغيبة فيتولى الحاكم الشرعي طلاقها ، والمرويّ عن
أبي عبدالله(عليه السلام( أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)قال : «أنا أولى بكل
مؤمن من نفسه ، وعليّ أولى من بعدي ، فقيل له : فما معنى ذلك ؟ فقال : قول
النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) من ترك ديناً أو ضياعاً فعليّ ومن ترك مالا
فللورثة ، فالرجل ليست له على نفسه ولاية اذا لم يكن له مال ، وليس له على عياله
أمر ولا نهي اذا لم يجر عليهم النفقة ، والنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)
واميرالمؤمنين)عليه السلام) ومن بعدهما لزمهم هذا ، فمن هنا صار أولى بهم من
أنفسهم»[660] .

فيستفاد من هذه الأخبار أنّ مع عدم النفقة يجـوز اجبار الزوج على الطلاق ، واذا
لم يمكن ذلك لعدم حضوره للإمام أن يتولاه والحاكم الشرعي نائب عنه في ذلك ، واذا
كان عـدم طلاقها وابقاؤهـا على الزوجيـة موجباً لوقوعها في الحرام قهـراً او
اختياراً فاولى ، بل اللازم فكّها حفظـاً لها عـن الوقوع في المعصية ، ومن هـذا
يمكن أن يقال في مسألة المفقود اذا أمكن اعمال الكيفيات المذكورة من ضرب الأجل
والفحص لكن كان موجباً للوقوع في المعصية يجوز المبادرة إلى طلاقها من دون ذلك»[661]
. انتهى كلامه(قدس سره) .

اقول : وممّن اشار إلى قاعدة نفي الضرر والحرج ، الشهيد الثاني(قدس سره) في بعض
فروع المسألة فراجع إن شئت[662] . كما أنّ صاحب جامع الشتات(قدس
سره)ايضاً اشاراليه في بعض مسائله .

وأمّا الروايات فهي على طائفتين : الاُولى : ما يدل على لزوم الصبر اربع سنين
وهي معمول بها عند الأصحاب .

والطائفة الثانية : الصبر مطلقاً ، وهذه ثلاث ، فعن النبيّ(صلى الله عليه وآله
وسلم)«تصبر امرأة المفقود حتى يأتيها يقين موته أو طلاقه»[663] . وعن
علي(عليه السلام)«هذه امرأة ابتليت فلتصبر»[664]
وعن السكوني ، عن جعفر ، عن ابيه(عليهما السلام( أن عليّاً)عليه السلام)قال في
المفقود : «لاتتزوّج امرأته حتى يبلغها موته أو طلاق أو لحوق بأهل الشرك»[665]
.

ومن العامة من اوجب الصبر مطلقاً عملا بالنبوي والعلوي ، ولكن هذه الثلاث ليست
بحجة ، فإنّه مضافاً إلى ضعف السند في الاوليين أ نّها غير معمول بها عند الأصحاب ،
هذا مع عدم تماميتها عند العامة ايضاً ، أمّا النبوي فمرسل عندهم والعلوي قد ثبت
خلافه عندهم ، ولك أن تقول : أ نّها مطلقة تتقيّد بالطائفة الاولى كما يأتي ، ولك
أن تقول ايضاً : أ نّها ليست في مقام بيان الحكم بل هي ناظرة إلى أنّ الزوج المفقود
ليس بحكم الميّت فلا تعارض فتبقى الطائفة الاولى محلا للكلام .

أمّا الطائفة الاولى ; فمنها : صحيحة بريد بن معاوية التي رواها المشايخ الثلاثة
، قال : سألت أباعبدالله(عليه السلام) «عن المفقود كيف تصنع امرأته ؟ فقال : ما
سكتت عنه وصبرت فخلّ عنها ، وإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجّلها أربع سنين ثم يكتب
الى الصقع الّذي فقد فيه ، فليسأل عنه ، فإن خبر عنه بحياة صبرت وإن لم يخبر عنه
بحياة حتى تمضي الأربع سنين ، دعا وليّ الزوج المفقود فقيل له : هل للمفقود مال ؟
فإن كان للمفقود مال أنفق عليها حتى يعلم حياته من موته ، وإن لم يكن له مال قيل
للوليّ : أنفق عليها ، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوّج ما أنفق عليها ، وإن أبى
أن ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلّق تطليقة في استقبال العدّة وهي طاهر فيصير
طلاق الولىّ طلاق الزوج فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدّتها من يوم طلّقها الوليّ
فبدا له أن يراجعها فهي امرأته وهي عنده على تطليقتين ، وإن انقضت العدّة قبل أن
يجيء ويراجع فقد حلّت للأزواج ولا سبيل للأوّل عليها»[666] .

ومنها : مرسلة الصدوق ، قال : وفي رواية اخرى «انّه إن لم يكن للزوج وليّ طلّقها
الوالي ويشهد شاهدين عدلين ، فيكون طلاق الوالي طلاق الزوج وتعتدّ أربعة أشهر
وعشراً ثمّ تزوّج إن شاءت»[667] .

ومنها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) انّه سئل «عن المفقود ،
فقال : المفقود اذا مضى له أربع سنين بعث الوالي أو يكتب الى الناحية التي هو غائب
فيها فإن لم يوجد له أثر أمر الوالي وليّه أن ينفق عليها ، فما أنفق عليها فهي
امرأته ، قال : قلت : فإنّها تقول : فانّي أريد ما تريد النساء ، قال : ليس ذاك لها
ولا كرامة ، فإن لم ينفق عليها وليّه أو وكيله أمره أن يطلّقها فكان ذلك عليها
طلاقاً واجباً»[668] .

ومنها : خبر أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) «في امرأة غاب
عنها زوجها أربع سنين ولم ينفق عليها ولم تدر أحيّ هو أم ميّت ، أيجبر وليّه على أن
يطلّقها ؟ قال : نعم ، وإن لم يكن له وليّ طلّقها السلطان ، قلت : فإن قال الوليّ :
أنا أنفق عليها ، قال : فلا يجبر على طلاقها ، قال : قلت : أرأيت إن قالت : أنا
أريد مثل ما تريد النساء ولاأصبر ولاأقعد كما أنا ، قال : ليس لها ذلك ولا كرامة
اذا أنفق عليها»[669] .

ومنها : مضمرة سماعة قال : سألته «عن المفقود فقال : إن علمت انّه في أرض فهي
منتظرة له أبداً حتى يأتيها موته أو يأتيها طلاق ، وإن لم تعلم اين هو من الأرض ولم
يأتها منه كتاب ولا خبر فإنّها تأتي الامام(عليه السلام) فيأمرها أن تنتظر أربع
سنين فيطلب في الأرض فإن لم يوجد له خبر حتى يمضي الأربع سنين ، أمرها أن تعتدّ
أربعة أشهر وعشراً ثم تحلّ للأزواج فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدّتها فليس له
عليها رجعة وإن قدم وهي في عدّتها أربعة أشهر وعشراً فهو أملك برجعتها»[670]
.

هذا ويقع البحث في جهات منها ; الاولى : وجوب الصبر مع الانفاق عليها بعد الرفع
إلى الحاكم بلغ ما بلغ بشرط المنفق لها كما يدل عليه صحيحة بريد وكذا صحيحة الحلبي
ويشعر به ايضاً خبر أبي الصباح ، وهذه الروايات وإن كانت مختصّة ببعد الرجوع إلى
الحاكم إلاّ أنّ الحكم كذلك قبل الرجوع ايضاً فإنّ خصوصية الرجوع ملغاة مناسبة
للحكم والموضوع .

الثانية : أنّ الأخبار باطلاقها دالّة على الطلاق وعدم وجوب الصبر بعد مضيّ اربع
سنين ولو مع عدم الحرج في الصبر ، وهذا مخالف للقواعد والاصول فلابدّ من الاقتصار
في مثله على مورد النص وما اعتبر فيه من الشرائط نحو كون اربع سنين بعد الفحص مثلاً
.

الثالثة : اختلف الاصحاب لاختلاف هذه الاخبار في انّه بعد الطلب أربع سنين لم
يعرف له خبر فهل يكفي امرالحاكم لها بالاعتداد عدّة الوفاة ؟ ام لابدّ من الطلاق
أوّلاً من الولي أو الحاكم مع عدمه ؟ وعلى تقدير الثاني فهل العدّة عدّة الطلاق أو
عدّة الوفاة ؟ أقوال ; فذهب الشيخان إلى الاوّل ، وبه قال ابن البرّاج وابن ادريس ،
وهو الذي صرّح به العلاّمة في القواعد والارشاد والمحقق في كتابيه ، وعلى هذا القول
تدلّ موثقة سماعة .

وقيل بالثاني وأنّ العدّة عدة الوفاة ،وهو مذهب الصدوق في المقنع وابن حمزة .
قال في المقنع : اذا امتنع الولىّ أنْ يطلّق أجبره الوالي على أن يطلّقها ، فيصير
طلاق الولي طلاق الزوج ، فإن لم يكن له ولىّ طلّقها السلطان ، واعتدّت أربعة أشهر
وعشرة أيّام[671] . ونحوه كلام ابن حمزة واختاره العلاّمة في المختلف .
ويدلّ على طلاق الولي اكثر الاخبار المذكورة وعلى طلاق الوالي رواية أبي الصباح
والمرسلة المنقولة عن الفقية ، وعلى كون العدّة في هذه الصورة عدّة الوفاة المرسلة
المذكورة وقيل بأنّ العدّة في هذه الصورة إنّما هي عدّة الطلاق ، وهو ظاهر اكثر
الاخبار المذكورة ، واليه يميل كلام السيّد السند في شرح النافع وقبله جدّه رحمة
الله عليه في المسالك . ويظهر من هذه الاخبار أنّ العدّة عدة الطلاق ، إلاّ أنّ
القائلين بالطلاق صرّحوا بأنّ العدّة عدة الوفاة ، ولايخلو من اشكال .

والقول بأنّ المستفاد من عبارات المحققين عدم التعارض بين تلك الاخبار وموثقة
سماعة لسكوت الاخير عن لزوم الطلاق وعدمه ، ففيه ما لايخفى ، لأنّ الظاهر من
الموثقة أنّ العدّة عدّة وفاة والزوج محكوم بالموت فهي معارضة لتلك الاخبار إلاّ أن
يقال : إنّ المستفاد من هذه الاخبار بعد ضم مطلقها إلى مقيّدها ومجملها إلى مبينها
انّه يطلقها الولي ومع عدمه فالحاكم ، وتعتد عدة الوفاة .

وتوضيحه أنّ غاية ما تدل عليه موثّقة سماعة أ نّه بعد تحقق انقطاع خبره يأتي
الامام فيأمرها بالاعتداد عدة الوفاة وهي بالنسبة إلى الطلاق وعدمه مطلقة فيمكن
تقييدها بالاخبار الدالة على الطلاق بمعنى أ نّها تعتدّ بعد الطلاق عدة الوفاة
واخبار الطلاق بالنسبة إلى العدة وأ نّها عدة وفاة او طلاق مجملة مطلقة فيجب حملها
على مادلّت عليه موثقة سماعة من عدة الوفاة وسند ما ذكرناه مرسلة الصدوق حيث تضمنت
عدة الوفاة بعد الطلاق من الولي او الوالي ولاينافي ذلك جواز المراجعة في العدة لو
قدم وهي في العدة لأنّ هذه العدة عدة طلاق من جهة وعدة وفاة من جهة . هذا مع أنّ
الاعتداد بعدّة الوفاة هو الاحوط .

ثم إنّه قد ظهر ممّا ذكرناه أنّ الاعتداد بالمذكور هو عدة الطلاق وإن كان بقدر
عدّة الوفاة ، وتظهر الثمرة في مثل السكنى والحداد والتوارث ولا مانع من عدّة
الوفاة في الطلاق ثبوتاً لانّه طلاق خاصّ فله عدّة خاصّة تكون كعدّة الوفاة في
الايام والمدّة فقط ، قضاءً للدليل .

ثم انّه ليس لهذا الطلاق حكم خاصّ به من حيث الرجعي والبائن وغيره بل يكون كغيره
محكوماً باحكام الطلاق ، قضاءً لاطلاق ادّلة الاحكام وعدم الدليل على تقييده في
المقام .

الرابعة : هل التربّص اربع سنين مشروط بكونه بعد الرجوع إلى الحاكم او غير مشروط
به بل مطلق التربّص كاف ولو من حين الغيبة والفقدان ؟ فالظاهر من الحدائق عدم
الخلاف في الاشتراط وهو الظاهر من صحيحة بريد وموثقة سماعة وبه صرّح في القواعد ;
ففيه «ضرب اربع سنين إلى الحاكم فلو لم ترفع خبرها اليه فلا عدة حتّى تضرب لها
المدّة ثم تعتدّ ولو صبرت مائة سنة . وابتداء المدّة من رفع القضّية إلى الحاكم
وثبوت الحال عنده لامن وقت انقطاع الخبر»[672] .

لكن الظاهر من صحيحة الحلبي وخبر ابي الصباح عدم الاشتراط وكفاية التربّص ولو من
حين الفقد . وفي الجواهر «نعم ، ظاهر اكثر الفتاوى والصحيح المزبور (اي صحيح بريد)
أنّ مبدأ المدّة الرفع المذكور اذا لم يكن ثمّة فحص سابق من الحاكم إلاّ أنّ في
المحكي عن الخلاف «تصبر أربع سنين ، ثم ترفع امرها لتنتظر من يتعرّف خبر زوجها في
الآفاق ، فإن عرف له خبر لم يكن لها طريق إلى التزويج» إلى آخره .

وفي صحيح الحلبي «اذا مضى له أربع سنين يبعث الوالي» ومن المعلوم أنّه لا مدّة
عليها لابتداء رفع امرها ، بل متى انقطع خبره وصدق عليه اسم المفقود ولم يكن لها
منفق ولو متبرع رفعت أمرها إلى الحاكم ، فلابدّ من حمل ذلك على ارادة خصوص من يتوقف
صدق اسم الفقد عليه على مضي المدّة المزبورة لبعد جهة سفره أو غيره وأمّا اطلاقه
ارسال الوالي فيحمل على مافي غيره من المدّة المزبورة كما أنّه يحمل خبر أبي الصباح
على ما اذا كان ذلك بأمر الحاكم ، والله العالم»[673] . وما ذكره من
الحمل موافق للاحتياط إلاّ أ نّه تبرعىّ لا اعتبار به .

ولصاحب الحدائق جمع آخر ; ففيه : «الظاهر أنّ الوجه في الجمع بين هذه الأخبار هو
أنّه إن لم ترفع أمرها إلى الحاكم إلاّ بعد مضيّ الأربع من حين الفقد فإنّه يفحص
عنه حتّى يعلم أمره وأنّه مع ظهور فقده وعدم العلم بحياته يجري عليه الحكم المذكور
من غير تقييد بمدة ، وإن رفعت أمرها من أول الأمر قبل مضيّ الأربع من حين الفقد أو
في أثنائها فإنّه يجب عليها التربّص مدة الأربع أو تمامها والفحص في تلك المدة ثمّ
إجراء الحكم المذكور»[674] .

أقول : ووجه الجمع والحمل كذلك على ماصرّح به أنّ ذكر الرفع من باب التمثيل لا
الحصر ، ففيه «وذكر الرفع في صحيحة بريد وموثقة سماعة إنّما خرج مخرج التمثيل لا
الحصر ، واصل الحكم إنّما يدور ويبنى على مضىّ الأربع سنين مع حصول الفحص كيف كان»[675]
. وهو غير بعيد فإنّ في الاتيان إلى الامام المأمور به في الموثقة احتمالين ;
احدهما انّه للاشتراط وأنّ الفحص والتربّص من شؤون الحكومة ، ثانيهما انّه لدفع
النزاع والاختلاف المحتمل مع مجيء الزوج في مضيّ الاربعة من حين الفقد وفي الفحص ،
فالاتيان لمقام الاثبات لا الثبوت حيث لايدعي عليها الزوج إن عاد ، فالحكم بالتربّص
والفحص ليس من شؤون الحكومة ، ولمّا أنّ ترجيح الاحتمال الثاني عرفاً غير بعيد
فجمعه وحمله(رحمه الله) ايضاً غير بعيد ، وأمّا الرفع في صحيح بريد فليس بازيد من
بيان صورة الرفع ولا دلالة فيه على الاشتراط اصلاً ، فتأمّل . لكن مع ذلك كله فإنّ
الحكم مخالف للقاعدة فالذهاب اليه مشكل .

لايقال : اشتراط التربّص بالرفع موجب للحرج في بعض الموارد ، مثل ما كان الرفع
منها بعد مضىّ سنوات فزيادة الاربع عليها موجبة للحرج .

لأ نّا نقول : احكام المفقود عنها زوجها مربوطة بحيثية الفقدان بما هو هو وإلاّ
فمع طروّ الحرج هو المناط في الطلاق مستقّلاً بلا دخالة شيء آخر كما مرّمنّا فلا
تغفل حتى لايحصل لك الخلط في المسائل .

ثم إنّه بعد اليأس من الوصول اليه قبل أربع سنين ، هل يجب الفحص اربع سنين كاملا
ام لا ؟ الحق هو الاوّل ، وتوهّم انّه طريق ولا موضوعية له ، لا وجه له ، لقوّة
احتمال الموضوعية ، وذلك لاتفاق الروايات على لزوم التربص اربع سنين مع تفاوت
المفقودين ، ويؤيده حكم العامة ايضاً بالتربص المذكور ، ومنه يظهر لزوم التربص في
مورد اليأس عن الوصول من ابتداء الامر فإنّه ايضاً يلزم ذلك .

الخامسة : هل المفقود واحكامه من رفع الامر إلى الحاكم والتأجيل والتفحص تختص
بالفقد في السفر او هي اعم منه ومن الفقد في البحر لكسر السفينة اوفي معركة القتال
او غيرهما ؟ فاستشكل الحدائق في الاطلاق والشمول بأنّ ظاهر الاخبار الاختصاص ، وردّ
عليه الجواهر بالشمول وأنّ عنوان المفقود في النصوص شامل لجميع افراده من السفر
وكسر السفينة والحرب وغيرها ، ولننقل كلامهما مع ما في الاوّل من الطول ثم نتعرّض
لما فيهما من المناقشة .

ففي الحدائق بعد حكاية قول الشهيد في المسالك بأ نّه «لا فرق في المفقود بين من
اتّفق فقده في جوف البلد أو في السفر وفي القتال ، وما إذا انكسرت سفينة ولم يعلم
حاله ، لشمول النصّ لذلك كلّه وحصول المعنى ، ولايكفى دلالة القرائن على موته بدون
البحث ، إلاّ أن تنضمّ إليها أخبار من يتاخم قوله العلم بوفاته ، فيحكم بها حينئذ
من غير أن تتربّص به المدة المذكورة ، ولا فرق حينئذ بين أن يحكم الحاكم بموته
وعدمه ، بل إذا ثبت ذلك عندها جاز لها التزويج ولم يجز لغيرها أن يتزوجها إلاّ أن
يثبت عنده ذلك أيضاً ، ولو حكم الحاكم بها كفى في حقّ الزوج بغير إشكال»[676]
.

قال : «اقول : في فهم ما ذكره من الاطلاق في الفقد وشموله لهذه الأفراد المعدودة
من النصوص نظر ، فإنّ ظاهر الأخبار المتقدمة تخصيص الحكم بالسفر إلى قطر من الأقطار
، أو مطلقاً من غير معلوميّة أرض مخصوصة ، وأنّه يكتب أو يرسل في الفحص عنه إلى ذلك
القطر أو في الجوانب الأربعة أو بعضها ممّا يعلم أو يظنّ السفر اليه ، وأمّا الفقد
في البلد أو في معركة القتال أو السفينة التي انكسرت في البحر فلا يكاد يشمّ له
رائحة من هذه الأخبار ، بل ربما كانت ظاهرة في خلافه ، إذ لايتحقّق الفحص في شيء من
هذه المواضع المعدودة ، وأيضاً فإنّه بالنسبة إلى هذه الأفراد المعدودة فلتدلّ
القرائن الموجبة للعلم العادي على الموت ، بخـلاف مجـرد السفر إلى بلد وفقد خبره ،
والفرق بين الأمرين ظاهر غاية الظهور لمن أعطى التأمّل حقّه في هذه السطور .

ومن هنا كان بعض مشايخنا المحقّقين من متأخّري المتأخّرين يحكم بخروج هذه
الأفراد عن حكم المفقود المذكور في هذه الاخبار .

قال(قدس سره) ونعم ما قال : إنّ من حصل العلم العادي بعدم حياته فإنّه يجوز نكاح
زوجته وإن لم ترفع أمرها إلى الحاكم ، ومثله يأتي أيضاً في قسمة الميراث ، لأنّ
المفقود في مثل البحر مع كثرة المترددين من السواحل المحيطة بموضع الغرق يحصل العلم
من مجاري العادة بهلاكهم كما هو واضح ، وهو أقوى من العلم بالشاهدين . وكذا المفقود
في المفاوز في شدّ الحر والبرد مع إحاطة الأودان بالأطراف ولم يخبر عنه منها مع
كثرة المترددين . وكـذا المفقود في المعارك العظام لايحتاج فيه إلى التأجيل أربع
سنوات ليفحص فيها عن حاله في الأطراف لأنّ ذلك إنّما هو في المفقود لا كذلك ، وأمّا
هنا فيكفي في مثله حصول المترددين في الأطراف التي يظنّ بجاري العادة أنّه لو كـان
حيّاً لكان فيها وأتى بخبره المترددون ، وحيث لم يأت لـه خبره علم هلاكه ، انتهى .

وإلى هذا أيضاً كان الآخند المولى محمد جعفر الاصفهاني المشهور بالكرباسي صاحب
الحواشي على الكفاية وهو من فضلائنا المعاصرين ، وقد زوّج جملة من النساء اللاتي
فقدت أزواجهنّ في معركة قتال الأفغان مع عسكر شاه سلطان حسين في مفازة قرب كرمان .

وبالجملة فإنّ مورد الأخبار المتقدمة السفر ، وأنّ الفقد حصل فيه فيرسل إلى
الفحص عنه في تلك الجهة أو الجهات ، وما ذكره ليس كذلك ، والاشتراك في مجرد الفقد
لايوجب الالحاق فإنّه قياس محض ، وأيضاً فإنّ الفحص المأمور به في الأخبار لايتحقّق
في هذه الأفراد ، فإذا كان الفقد في مفازة كطريق الحج مثلا إذا قطع على قفل الحاجّ
جملة من المتغلّبين وقتلوهم وأخذوا أموالهم فإلى من يرسل وممّن يفحص ، وهكذا في
معركة القتال»[677] .

وفي الجواهر(قدس سره) بعد أن قضى العجب بما في كلام الحدائق من الاقتصار على
خصوص المفقود بسبب سفر وغيبة ، دون المفقود بانكسار سفينة أو معركة او نحو ذلك ممّا
لا اثر له في النصوص المزبورة ، فتتزوّج هذه من دون رفع امرها إلى الحاكم ، ومن دون
تأجيل ، بل بالقرائن الدالة على موته ، قال ماهذه عبارته :

«اذ لايخفى عليك ما فيه اوّلا : من أنّ مقتضى ما ذكره حرمة التزويج إلى حصول
العلم بالموت للمرأة ولمن يريد نكاحها ممّن هو عالم بحالها ، لا التزويج بالقرائن
التي لاتوجبه ، ومع فرض حصوله بها لا بحث فيه ، بل وفي مسألة المفقود بالسفر ايضاً
وإن لم يكن ثَمّ مخبر بذلك وإن توهمه في المسالك ، ضرورة أنّه ما بعد العلم من شيء
.

وثانياً : أنّ العنوان في النصوص المزبورة «المفقود» الشامل لهذه الأفراد ،
ولاينافي ذلك ما في بعضها من الارسال إلى النواحي ، فإنّ المدار على التجسس عنه في
الوجه الّذي نفذ فيه ، ليعلم حاله ، وليس هذا من القياس في شيء ، بل هو مقتضى اطلاق
اللفظ الّذي لا داعي إلى تخصيصه بذكر حال بعض أفراده ، كما هو واضح .

ومن هنا لم أجد أحداً من اساطين الأصحاب تردّد في شيء من ذلك ، وقد جعلوا
العنوان ما في النصوص من المفقود الشامل لجميع الافراد المزبورة ، كما هو واضح
بادنى تأمل»[678] .

اقول : ما في الجواهر من شمول المفقود لغير المفقود في السفر ففيه : أنّ شمول
مادّة المفقود ولفظه للاعم من السفر ممّا لا كلام فيه ويكون امراً واضحاً غير قابل
للانكار وإنّما الكلام في قرينية الفحص والكتابة والارسال إلى القطر المفقود فيها
او الجوانب الاربعة او بعضها التى تكون من احكام المفقود عنها زوجها للاختصاص
بالسفر حيث إنّ التجسّس والتفحّص ليس إلاّ لتحصيل العلم والحجّة على الحياة او
الموت والموارد المذكورة في المسالك والحدائـق لاسيّما في زمانهما لا فائـدة لها في
الفحص بمعلومية الحال بمحض الفقد ، لما بيّنه بعض مشايخى صاحب الحدائق مـن متأخرى
المتأخرين كما مرّت عبارته ، ومع عدم الفائدة لا محل للفحص فلا محلّ لاحكام المفقود
عنها زوجها لانتفاء المشروط بانتفاء الشرط فالنصوص بقرينة الفحص مختصّة وليست
بعامّة كما ذكـره الحدائق . وبما ذكرناه يظهر ما في تأييده مـن عدم تردد الاساطين
فـي العمومية لجعلهم العنوان ما في النصوص مـن المفقود فإنّ الفتاوى كالنصوص بقرينة
الشرط مختّصة بالسفر كمالايخفى . هذا ولكن ما في الحدائـق ايضاً منظور فيه حيث انّه
صرّح في الجمع بين الاخبار بكفاية مضىّ اربع سنين ولو قبل الرفع إلاّ انّه على
الحاكم بعد الرفع الفحص بمقدار الاطمئنان بعدم وجدانه وبعدم العلم بحاله ، وفحوى
هذا الحكم والاخبار الدالّة عليه أنّ الصبر لابدّ وأن لايكون زائداً على الاربع
وأنّ الاربع موجب للحكم بالطلاق والاعتداد وأن يمكن فيه تحقق الشرط مثل الموارد
المذكورة ، وبالجملة فحوى الاخبار على حمله وجمعه مقتضية لكفاية الاربع مطلقاً حتى
فيما لامحلّ للشرط فيه ، نعم لابدّ من الفحص إمّا فيه وإمّا بعده .

السادسة : قال في المسالك : «الحكم مختصّ بالزوجة فلا يتعدّى إلى ميراثه ولا عتق
امّولده وقوفاً فيما خالف الاصل على مورده ، فيتوقف ميراثه وما يترتب على موته من
عتق أم الولد والمدبّر والوصية وغيرها إلى أن تمضي مدّة لايعيش مثله اليها عادة» .
ثم قال : «والفرق بين الزوجة وغيرها مع ما اشتهر من أن الفروج مبنية على الاحتياط ـ
وراء النص الدالة على الاختصاص ـ دفع الضرر الحاصل على المرأة بالصبر دون غيرها من
الوراث ونحوهم ، وأنّ للمرأة الخروج من النكاح بالجَبّ والعُنّة لفوات الاستمتاع
وبالاعسار بالنفقة على قول لفوات المال ، فلأن تخرج هاهنا وقد اجتمع الضرران اولى .
ويدل على عدم الحكم بموته أ نّها لو صبرت بقيت الزوجية ، فزوالها على تقدير عدمه
لدفع الضرر خاصة فيتقيّد بمورده»[679] .

وفى الحدائق «إنّ مقتضى الاصل واستصحاب حكم الزوجية واصالة الحياة بعد ثبوتها هو
توقف جميع هذه الامور من خروج الزوجة عن الزوجيه وقسمة الميراث وانعتاق ام الولد
ونحو ذلك ماذكره على العلم بالموت إلاّ انّه كما قد قام الدليل من روايات الباب على
خروج الزوجة من هذا الاصل بمجرد الفقد وإن لم يتحقق موته فكذلك الميراث ايضاً
بموثقة سماعة عن ابي عبدالله(عليه السلام) ، قال : «المفقود يحبس مالـه على الورثة
قدر ما يطلب في الارض أربع سنين ، فإن لم يقدر عليه قسّم ماله بين الورثة فإن كان
له ولـد حبس المال وانفق على ولده تلك الأربع سنين»[680]
وموثقـة اسحاق بن عمّار قال : قال لي أبوالحسن(عليه السلام) : «المفقود يتربصّ
بماله أربع سنين ثم يقسّم»[681] .

ثم قال : «وهذه الرواية وإن كانت مطلقة بالنسبة إلى طلبه مدّة الأربع ، إلاّ
انّه يجب حمل اطلاقها على ما تضمّنه الخبر الاوّل من الطلب تلك المدّة . وإلى هذا
القول مال جملة من الأصحاب منهم الصدوق والمرتضى وأبوالصلاح . واستوجهه في المسالك
ايضاً ، إلاّ انّه اختار فيه القول المشهور ، وهو انّه ينتظر به مدّة لايعيش اليها
عادة ، مع انّه لا دليل عليه إلاّ ما ذكرنا من الاصل الذي يجب الخروج عنه بالدليل ،
وهو هنا موجود كما عرفت ، وتؤيدّه أخبار الزوجة المذكورة لأ نّه متى جاز ذلك في
الزوجة مع أنّ عصمة الفروج أشدّ وأهمّ في نظر الشارع فليجز في قسمة المال بطريق
اولى .

وأمّا ما ذكره في الفرق بين الزوجة والمال فإنّ فيه اوّلاً : أنّ النص كما دل
على حكم الزوجة فخرجت به عن حريم الاصل المذكور كذلك المال قد خرج بالموثقتين
المذكورتين ، إلاّ أنّ له أن يقول برد الموثقتين المذكورتين لضعفهما عنده ، وعدّه
الموثق في قسم الضعيف وترجيح الاصل عليهما ، بناءً على تصلّبه في هذا الاصطلاح الذي
هو إلى الفساد أقرب من الصلاح ، وهو عندنا غير مسموع كمالايخفى على من له إلى
الانصاف أدنى رجوع .

وثانياً : انّه كما تكون الحكمة فـي الاعتداد بعد المدّة دفـع الضرر من الزوجـة
فيجوز أن تكون الحكمة ايضاً في قسمة الميراث دفع الضرر عـن الوارث بعين ما قالـه في
اعسار الزوج بالنفقة ، وإن كان أحد الضررين أشدّ وأشدّية الضرر عليها دون الوارث
مقابلة بمطلوبية العصمة في الفروج للشارع زيادة على الاموال .

وبالجملة فالاصل في ذلك هو النص ، وهذه التوجيهات تصلح لأن تكون بياناً لوجه
الحكمة فيه ، لا عللاً مؤسسة للحكم ، وحيث كان النصّ فيما تدعيه موجوداً صحّ البناء
عليه ، ويبقى ما عدا مورد النصّ في هذين الموضعين على حكم حريم الاصل كما ذكروه»[682]
.

وما ذكره من الرواية والدراية جيّد وجزاه الله عن الاسلام اجود الجزاء لكنّه مع
ذلك لم ينقل جميع اخبار المسألة ، ففيها ما يستدلّ به على المحكي من الاسكافي من
شرطية انقضاء عشر سنة في تقسيم امواله على الورثة كصحيح علي بن مهزيار قال : سألت
اباجعفر الثاني(عليه السلام) «عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة فغاب الابن
بالبحر وماتت المرأة فادّعت ابنتها أنّ امّها كانت صيّرت هذه الدار لها وباعت
أشقاصاً منها وبقيت في الدار قطعة إلى جنب دار رجل من أصحابنا وهو يكره أن يشتريها
لغيبة الابن وما يتخوّف أن لايحلّ شراؤها وليس يعرف للابن خبر ، فقال لي : ومنذ كم
غاب ؟ قلت : منذ سنين كثيرة ، قال : ينتظر به غيبة عشر سنين ثم يشترى . فقلت : اذا
انتظر به غيبة عشر سنين يحلّ شراؤها ؟ قال : نعم»[683] .

وما يستدل به على ذلك مقيد بملاءة الورثة كموثق اسحاق بن عمّار[684]
فإنّه وإن كان مطلقاً لكنّه يقيّد بما في الصحيح جمعاً . هذا مع ما في الجواهر من
اعراض المشهور عنهما واجمال البحث أنّ الموثقتين مع معارضتهما بالصحيح والموثق
الآخر مورد لاعراض المشهور فالاعتماد عليهما والفتوى بهما مشكل لاسيّما في مثل
المسألة المخالفة للاصول ، وتفصيل البحث في محله في كتاب الارث .

السابعة : هل الحكم مختصّ بالدائمة او هو اعم منها ومن المنقطعة ؟ ففي الجواهر
«الظاهر اختصاص الحكم بالدائمة دون المتمتع بها ، لاشعار الامر بالطلاق والانفاق في
ذلك»[685] .

اقول : لكن الحقّ عموم الحكم ، لالغاء الخصوصية وتنقيح المناط ، لأنّ المستفاد
من الروايات عرفاً كون المناط في الحكم تسهيل الامر عليها والارفاق بها ، وهو موجود
فيهما والاشعار مع انّه ليس بظهور أنّ الامر بالطلاق والانفاق لعلّه للغلبة بل هو
المتفاهم عرفاً وعلى الظهور فليس بازيد من القصور غير المنافي للعموم الثابت
بالفحوى والالغاء كما لايخفى . فالحاكم حينئذ يهب المدّة وتعتدّ عدة الوفاة على
الأحوط بل الاقوى .

الثامنة : إن انفق عليها الولي او الحاكم من مال الغائب في المدّة ثم انكشف موته
قبل ذلك فهل على المرأة او المنفق ضمان ام لا ؟ ففي المسالك : «ولو انفق عليها
الوليّ أو الحاكم من ماله ثم تبيّن تقدّم موته على زمن الانفاق او بعضه فلا ضمان
عليها ولا على المنفق ، للأمر به شرعاً ، ولأنها محبوسة لأجله ، وقد كانت زوجته
ظاهراً ، والحكم مبني على الظاهر»[686] .

وردّه الجواهر بقوله : «أنّ ذلك كلّه لاينافي قواعد الضمان بالاتلاف واليد
ونحوهما ، والظاهر بعد ظهور الحال لايدفع الضمان ، كما في الوكيل الّذي قد بان
انعزاله بموت الموكّل مثلا ، اذ المسألة ليست من خواص المقام ، والدفع بعنوان
النفقة يوجب الضمان بعد ظهور عدم استحقاقها ، كما هو واضح»[687] .

اقول : مقتضى التحقيق هو مافي المسالك حيث إنّ اليد امانية لا ضمان عليها وما
على الامين إلاّ اليمين وأنّ قاعدة الاتلاف مختصّة بغير المأذون فيه كاتلاف الغاصب
وافساد شاهد الزور ، وأمّا المأذون فيه كالولِىّ الذي يأكل من مال اليتيم على
المعروف ويصرفه في معيشته اوفي معيشة اليتيم فغير شاملة له ولاضمان فيه قطعاً لعدم
صدق الافساد الذي هو المناط والموضوع في ادلّة القاعدة وكلّ من الولّي والحاكم كانا
مأذونين في التصرّف وكانا وليّين للغائب فكيف عليهما الضمان وأمّا الزوجة فغير
ضامنة لاقوائية السبب عن المباشر . هذا كلّه مع أ نّهما كانا محسنين وعاملين
بالوظيفة المأمور بها شرعاً وما على المحسنين من سبيل ، بل جعل الضمان على المأمور
به بالامر الواجب غير صادر من الحكيم ولك أن تقول إنّه كالتكليف بالمحال والظاهر
أنّ ما في المسالك راجع إلى ما ذكره كلّه او إلى بعضه ، فافهم واغتنم .

هذا تمام الكلام في مهامّ المسألة وأمّا غيرها من المسائل والفروع فحالها تظهر
من الرجوع إلى المتن وإلى الكتب الأخرى[688] .

إلى هنا كان قد تمّ ما القاه الاستاذ في السنة الاولى من مباحث كتاب الطلاق وقد
القى بمناسبة السنة الدراسية الجديدة وذلك في 15/6/74 هـ .ش المطابق للعاشر من ربيع
الثاني عام 1416 هـ .ق ، كلمة حول منزلة الحوزات العلمية وقيمة العلم والعلماء
ولزوم الاهتمام بالبحث والتحقيق واحياء الفقه ، وقد نبّه على ما يجب علينا من صيانة
كرامة العلماء وشخصيتهم والاحتفاظ بما انعمه الله علينا بواسطة النظام الاسلامى
ودماء الشهداء وقيادة الامام الخمينى(قدس سره( ، وكذا ما يجب علينا من احياء كلام
الامام)قدس سره)وفكره ، وقد اشار الاستاذ في كلمته إلى ما يوجب علينا الاهتمام
بهداية الناس والدعوة إلى الاسلام والاحتفاظ بما انتجتها الثورة الاسلامية ورجالها
. وبعد هذا دخل في البحث فيما بقي من كتاب الطلاق ولله الحمد .

* * *

( مسألة 12 ـ ليس للفحص والطلب كيفية خاصّة) .

وذلك قضاءً لاطلاق الاخبار وعدم التقييد فيها بوجه خاص من الاخبار ففي موثقة
سماعة «فيطلب في الارض فإن لم يوجد له خبر حتى تمضي الاربع سنين»[689]
وليس فيها إلاّ الدلالة على اصل الفحص والطلب من الحاكم على نحو الاطلاق من دون
التقييد بكيفيّة خاصة .

إن قلت : الموثقة وإن كانت مطلقة لكن في صحيح الحلبي «إنّ الوالي يبعث أو يكتب
إلى الناحية التي هو غائب فيها»[690] وكذا في صحيح بريد «إنّ الوالي
يكتب الى الصقع الذي فقد فيه»[691]
فبالصحيحين الدالين على اعتبار كيفية خاصة في الطلب والفحص يحصل التقييد في مثل
الموثقة .

قلت : إنّ الصحيحين ليسا بصدد بيان كيفية خاصّة في الفحص والطلب وانما ذكر البعث
والكتابة فيهما لاجل كونهما الطريق المتعارف في هذه الازمنة ، فهذه الخصوصية اقتضت
تخصيصها بالذكر لا أنّ لهما الموضوعية في الطلب والفحص ، فالمدار كما قال في
الجواهر «على التجسّس عنه في الوجه الذي نفذ فيه ليعلم حاله»[692] .

( بل المدار ما يعدّ طلباً وفحصاً) .

حتى يتحقق الموضوع .

( ويتحقق ذلك ببعث من يعرف المفقود ـ رعاية ـ باسمه وشخصه أو بحليته إلى مظان
وجوده للظفر به وبالكتابة وغيرها كالتلغراف وسائر الوسائل المتداولة في كل عصر
ليتفقد عنه ، وبالالتماس من المسافرين كالزوار والحجاج والتجار وغيرهم بأن يتفقدوا
عنه في مسيرهم ومنازلهم ومقامهم ، وبالاستخبار منهم حين الرجوع) .

وهذه الامثلة بيان للمصاديق العرفية لابيان الاحكام الشرعية .

( مسألة 13 ـ لايشترط في المبعوث والمكتوب اليه والمستخبر منهم من المسافرين
العدالة) .

لعدم الدليل عليه .

( بل تكفي الوثاقة) .

قضاءً لبناء العقلاء في العمل بالخبر فإنّ خبر الثقة عندهم حجة ، ومن الواضح أنّ
الباب ليس باب الشهادة المعتبرة فيها العدد والعدالة بل الباب باب النبأ والخبر ،
بل لايخفى كفاية الوثوق بالخبر الذي هو المناط عند العقلاء في اعتبار الوثاقة في
المخبر فتأمل جيداً . ولكن في المسالك «ويعتبر في الرسول العدالة ليركن إلى خبره
حيث لايظهر ولايشترط التعدد لأنّ ذلك من باب الخبر لاالشهادة وإلاّ لم تسمع لانّها
شهادة على النفي ومثل هذا البحث لايكون حصراً للنفي حتى يقال إنّه مجوز للشهادة
وانما هو استعلام وتفحص عنه ممن يكون معرفته له عادة لااستقصاء كلي»[693]
.

وردّه صاحب الجواهر بقوله «إنّ ذلك اذا كان استعلاماً وتفحصاً فلا مدخلية
للعدالة فيه ايضاً ، ضرورة كونه كغيره مما يبحث عنه ويفحص وقدسمعت ما في موثق سماعة
من اعتبار عدم علمها من الارض وعدم اتيان كتاب منه ولا خبر في رفع امرها إلى الحاكم
كما أ نّك سمعت اعتبار عدم وجدان الحاكم اثراً له في الفعل المزبور بل قد عرفت
تضمنها الاعتماد على الكتابة التي هي ليس طريقاً شرعياً ، وبالجملة لامدخلية
للعدالة في المقام والله العالم»[694] .

وكيف كان فالمستفاد من المسالك والجواهر اتفاقهما على أنّ المورد من باب الخبر
فيعتبر فيه ما اعتبر في الخبر فكل على مبناه من اعتبار العدالة او الوثاقة في الخبر
الناشئ من دليله على الاعتبار من آية النبأ والروايات ومن سيرة العقلاء وليس
للاستعلام خصوصية بل هو المنشأ للخبر كما لايخفى .

( مسألة 14 ـ لايعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة ونحوها من الحاكم ، بل
يكفي من كل أحد حتى نفس الزوجة اذا كان بأمره بعد رفع الامر اليه) .

الاكتفاء بالفحص من كل احد ولو من الزوجة قضاءً للاطلاق والفحوى ، وأمّا
اعتباركونه بامره وبعد الرفع اليه وعدم كفاية مطلق الفحص من دون الامر والرفع فمع
كونه احوط انّه المورد للنصوص فإنّها بين صريح وظاهر في مدخلية الوالي في ذلك ، وإن
ابيت عن الدلالة على المدخلية فلااقلّ من عدم الدليل مع عدم الرفع فلابد من
الاقتصار على مورد النص لكون الحكم على خلاف القواعد والضوابط ، وما في خبر السكوني
عن جعفر عن ابيه(عليهما السلام( «إنّ علياً)عليه السلام) قال في المفقود لاتتزوج
امرأته حتى يبلغها موته او طلاق او لحوق باهل الشرك»[695] . وفي خبر ابي
الصباح عن ابي عبدالله(عليه السلام) « في امرأة غاب عنها زوجها اربع سنين ، ولم
ينفق عليها ولم تدر أحي هو ، ام ميت ؟ أيجبر وليه على أن يطلقها ؟ قال نعم وإن لم
يكن له ولىّ طلقها السلطان . . .»[696] .

ففيه : أ نّهما ليسا في مقام البيان لذلك بل الاوّل في مقام بيان المجوز لتزوجها
من الموت او الطلاق او اللحوق باهل الشرك لا في مقام بيان خصوصيات تلك الامور ،
والثاني في مقام جواز اجبار الولي على الطلاق ومن المعلوم أنّ الجابر الحاكم
والوالي وليس فيه دلالة على كيفية جبره من اشتراطه بامره بالفحص وعدمه .

( مسألة 15 ـ مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة اعوام ، ولايعتبر فيه الاتصال التام
، بل هو على الظاهر نظير تعريف اللقطة سنة كاملة يكفي فيه ما يصدق عرفاً أنه قد
تفحّص عنه في تلك المدة) .

فإنّ من المعلوم الاختلاف في الصدق وفي اختلاف التوالي وعدمه في فحص السنة
واليوم فالفحص في مثل العام غير الفحص في مثل يوم واحد ، فالمعيارما يعدّه العرف
الفحص اربعة اعوام ، وإن لم يكن فيه الاتصال التام .

( مسألة 16 ـ المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك وما هو المعتاد ،
فلا يعتبر استقصاء الممالك والبلاد ، ولايعتنى بمجرد امكان وصوله إلى مكان ولا
بالاحتمالات البعيدة ، بل إنّما يتفحّص عنه في مظان وجوده فيه ووصوله اليه وما
احتمل فيه احتمالا قريباً) .

فإنّ الاختفاء والافتقاد يختلف باختلاف الافراد والموارد وبتبعه يختلف الفحص عنه
، فإنّ مظان وجود من خفي عن شخص في دين ونحوه غير مظان من خفي عن دولة في ذنب سياسي
مثل التجسس لمصالح الاجنبي وكذا فرق بين مظان خفاء الافراد ذوي المروة والشرف وبين
غيرهم ، فالمقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لامثال هؤلاء الافراد في مثل هذه
الموارد وأمّا الزائد عليه فغير لازم إمّا لعدم صدق الفحص على غير المتعارف من رأس
حيث إنّ الالفاظ العرفية صادقة على المتعارف من مصاديقها دون غيره أو للانصراف عنه
على تسليم الصدق .

) مسألة 17 ـ لو علم أنه قد كان في بلد معين في زمان ثم انقطع أثره يتفحص عنه
أولا في ذلك البلد على المعتاد ، فيكفي التفقد عنه في جوامعه ومجامعه وأسواقه
ومتنزهاته ومستشفياته وخاناته المعدة لنزول الغرباء ونحوها ، ولايلزم استقصاء تلك
المحالّ بالتفتيش أو السؤال ، بل يكفي الاكتفاء بما هو المعتد به من مشتهراتها ،
وينبغي ملاحظة زي المفقود وصنعته وحرفته ، فيتفقد عنه في المحالّ المناسبة له ويسأل
عنه من أبناء صنفه وحرفته مثلا ، فاذا تم الفحص في ذلك البلد ولم يظهر منه أثر ولم
يعلم موته ولا حياته فإن لم يحتمل انتقاله إلى محل آخر بقرائن الأحوال سقط الفحص
والسؤال ، واكتفي بانقضاء مدة التربص أربع سنين ، وإن احتمل الانتقال فإن تساوت
الجهات فيه تفحص عنه في تلك الجهات ، ولايلزم الاستقصاء التام ، بل يكفي الاكتفاء
ببعض المحالّ المهمة والمشتركة في كل جهة مراعياً للأقرب ثم الاقرب إلى البلد الأول
، وإن كان الاحتمال في بعضها أقوى جاز جعل محل الفحص ذلك البعض والاكتفاء به ،
خصوصاً إذا بعُد احتمال انتقاله إلى غيره ، وإذا علم أنه قد كان في مملكة أو سافر
إليها ثم انقطع أثره كفى أن يتفحص عنه مدة التربص في بلادها المشهورة التي تشدّ
إليها الرحال ، وإن سافر إلى بلد معين من مملكة كالعراقي سافر إلى خراسان يكفي
الفحص في البلاد والمنازل الواقعة في طريقه إلى ذلك البلد وفي نفس ذلك البلد ،
ولاينظر إلى الأماكن البعيدة عن الطريق فضلا عن البلاد الواقعة في أطراف المملكة ،
وإذا خرج من منزله مريداً للسفر أو هرب ولايدري إلى أين توجه وانقطع أثره تفحص عنه
مدة التربص في الأطراف والجوانب مما يحتمل قريباً وصوله اليه ، ولاينظر إلى ما بعد
احتماله .

مسألة 18 ـ قد عرفت أن الأحوط أن يكون الفحص والطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم ،
فلو لم يمكن الوصول إليه فإن كان له وكيل ومأذون في التصدي للأمور الحسبية فلا يبعد
قيامه مقامه في هذا الأمر ، ومع فقده أيضاً فقيام عدول المؤمنين مقامه محل إشكال( .

حيث إنّ الادلة قامت على اشتراطه برفع الامر إلى الحاكم الشرعي فمع تعذر الوصول
اليه وإلى وكيله المأذون في الامور الحسبية يقع الشك في أنّ نظره دخيل فيه مطلقا او
مع امكان الوصول اليه ؟ ومع الشك كان الحكم بقيام عدول المؤمنين مقامه مشكلاً .

( مسألة 19 ـ إن علم أن الفحص لاينفع ولايترتب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه ،
وكذا لو حصل اليأس من الاطلاع عليه في أثناء المدة ، فيكفي مضي المدة في جواز
الطلاق والزواج) .

سقوط الوجوب فيهما هو الاصل لعدم الموضوعية للفحص والطلب وهو انما يكون طريقاً
للعلم بحال الزوج من الحيوة والممات .

) مسألة 20 ـ يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل
أن تطلق ولو بعد الفحص وانقضاء الأجل ، ولها أن تعدل عن اختيار البقاء إلى اختيار
الطلاق ، وحينئذ لايلزم تجديد ضرب الأجل والفحص .

مسألة 21 ـ الظاهر أن العدة الواقعة بعد الطلاق عدة طلاق وإن كانت بقدر عدة
الوفاة ، ويكون الطلاق رجعياً ، فتستحق النفقة في أيامها وإن ماتت فيها يرثها لو
كان في الواقع حياً ، وإن تبيّن موته فيها ترثه ، وليس عليها حداد بعد الطلاق .

مسألة 22 ـ إن تبين موته قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدة
الوفاة( .

وجهه واضح .

( وإن تبين بعد انقضاء العدة اكتفي بها ، سواء كان التبيّن قبل التزويج او بعده
، وسواء كان موته المتبيّن وقع قبل المدّه أو بعدها أوفى أثنائها أو بعد التزويج) .

لأنّ العدة عدة الطلاق كما مرّ فلافرق في انقضائها بين الموارد .

( وأمّا لو تبيّن موته في اثناء العدة فهل يكتفى باتمامها او تستأنف عدة الوفاة
من حين التبيّن ؟ وجهان بل قولان احوطهما الثاني لو لم يكن الاقوى) .

وجه الاول اطلاق الروايات الدالة على أنّ عدة المفقود عنها زوجها اربعة اشهر
وعشراً ووجه الثاني اطلاق اخبار المتوفى عنها زوجها وأنّ ما مضى من العدة كانت عدة
طلاق وكيف كان فإن وقع موت الزوج اثناء العدة فلا يبعد القول الثاني اي استئناف
العدة وأمّا إن وقع قبل ذلك ثمّ تبين في اثناء العدة فالاقوى ـ على أنّ عدة المتوفى
عنها زوجها من يوم موته لا من حين بلوغ الخبر كما هو المختار ـ عـدم وجوب اتمام عدة
المفقود عنها زوجها ولا استئنافها بل يكفي الاعتداد من يوم موت الزوج .

( مسألة 23 : لوجاء الزّوج بعد الفحص وانقضاء الأجل فإن كان قبل الطلاق فهي
زوجته) .

لعدم الطلاق الرافع للزوجيّة ، فلابدّ إلاّ من بقائها .

( وإن كان بعد ما تزوّجت بالغير فلاسبيل له عليها) .

لظاهر النصوص ولكونها مطلّقة مزوّجة والطلاق وإن لم يكن عن الزوج لكنّه من
الولىّ للغائب وهو الحاكم فيكون كالطلاق من الزوج .

( وإن كان في اثناء العدّة فله الرجوع اليها كما أنّ له ابقائها على حالها حتى
تنقضي عدّتها وتبين عنه) .

للنصوص الدالة على أ نّها بحكم العدة الرجعية وإن كانت بقدر عدّة الوفاة ففي
صحيح بريد «فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدّتها من يوم طلّقها الولىّ فبدا له أن
يراجعها فهي امرأته»[697] .

وفي موثق سماعة «فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدّتها فليس له عليها رجعة وإن قدم
وهي في عدتها اربعة اشهر وعشرا فهو املك برجعتها»[698] .

( وأمّا إن كان بعد انقضاء العدة وقبل التزويج ففي جواز رجوعها اليها وعدمه
قولان اقواهما الثاني) .

وذلك لاطلاق الموثقة الصريحة في عدم جواز الرجوع بعد الانقضاء وصحيحة بريد
الظاهرة في ذلك بالمفهوم فإنّهما مطلقتان شاملتان لما قبل التزويج بالغير وبعده وما
في الشرائع «وإن خرجت من العدة ولم تتزوّج ، فيه روايتان اشهرهما انّه لاسبيل له
عليها»[699] .

ففي الجواهر في ذيله «بل لم نقف على رواية الرجوع فيما وصل الينا كما اعترف به
غير واحد ممّن سبقنا ، بل في المسالك لم نقف عليها بعد التتبع التام ، وكذا قال
جماعة ممّن سبقنا نعم صريح النصوص السابقة انّه لاسبيل له عليها حتى موثّق سماعة
الذي لم يذكر فيه الطلاق . ومنه يعلم ما في تفصيل الفاضل في المختلف بأنّ العدّة إن
كانت بعد طلاق الولىّ فلاسبيل للزوج عليها وإن كانت بامر الحاكم من غير طلاق كان
أملك بها ، وذلك لأنّ الاوّل طلاق شرعي قد انقضت عدّته ، بخلاف الثانى ، فإنّ امرها
بالاعتداد كان مبنيّاً على الظن بوفاته وقد ظهر بطلانه ، فلااثر لتلك العدة ،
والزوجية باقية لبطلان الحكم بالوفاة ، مضافاً إلى اقتضاء ذلك اولويته بها ، حتى
لوتزوجت ، وقد عرفت الاجماع على خلافه والفرق بينهما ـ بأنّ الشارع قد حكم به
ظاهراً ، فلا يلتفت إلى العقد الاول ، بخلاف مالوكان قبل التزويج ـ كما ترى ، ضرورة
اتحاد حكم الشارع بالتزويج وحكمه بالعدة بالنفوذ وعدمه ، وعلى كل حال فما عن الشيخ
في النهاية والخلاف وفخر المحققين واضح الضعف ، بل هو كالاجتهاد في مقابلة النصّ ،
والله العالم»[700] .

( مسألة 24 ـ لوحصل لزوجة الغائب بسبب القرائن وتراكم الأمارات العلم بموته جاز
لها بينها وبين الله أن تتزوج بعد العدة من دون حاجة إلى مراجعة الحاكم وليس لاحد
عليها اعتراض مالم يعلم كذبها في دعوى العلم نعم في جواز الاكتفاء بقولها واعتقادها
لمن أراد تزويجها وكذا لمن يصير وكيلاً عنها في إيقاع العقد عليها إشكال ، والأحوط
لها أن تتزوّج ممن لم يطلع بالحال ولم يدر أن زوجها قد فقد ولم يكن في البين إلاّ
دعواها بأن زوجها مات ، بل يقدم على تزويجها مستنداً إلى دعواها أنها خلية بلا مانع
، وكذا توكل من كان كذلك) .

قد تكلّمنا حول اصول البحث في هذه المسائل كلها فيما مرّمنّا تفصيلاً ولانعيده .

/ 66