هذا واستدلّ لقول المفيد(قدس سره) بوجهين :
احدهما : الروايات الدالة على كونها حيضة لاحتياجها في التحقق إلى طهرين ، قبلها
وبعدها . وفيه : انّه لا ملازمة بينهما هنا لامكان تحققها مع عدم الطهر قبلها ورؤية
الطهر بعدها مثل ما اذا اتفقت مدّة المتعة مقارنة لآخر زمان الطهر فكيف الحكم بلزوم
الطهرين ؟
ثانيهما : ما دل على أنّ عدّة الأمة قرءان وهي صحيحة زرارة ، عن ابي جعفر(عليه
السلام)قال : سألته «عن حرّ تحته أمة أو عبد تحته حرّة كم طلاقها ؟ وكم عدّتها ؟
قال : السنّة في النساء في الطلاق ، فإن كانت حرّة فطلاقها ثلاثاً وعدّتها ثلاثة
أقراء ، وإن كان حرّ تحته أمة فطلاقها تطليقتان ، وعدّتها قرءان»[574] .
منضمّةً إلى صحيحته الاخرى التي قد مرّت آنفاً الدالّة على أنّ عدّة المتعة عدّة
الأمة[575] .
وفيه أوّلا : أنّ روايات عدّة الامة ايضاً متعارضة كما اشير اليه بل فيها روايات
مستفيضة بأنّ عدّتها حيضتان .
وثانياً : حمل القرأين على الطهرين من دون القرينة كما ترى لعدم ثبوت كون الطهر
معناً حقيقياً للقرء بعدُ بل الحمل عليه كالحمل على الحيض في مقابله وهو محتاج إلى
القرينة ، وما ذكر في معنى القرء في عدة الطلاق فهو مختص ببابه وكان بقرينة النصّ
والفتوى . اللهم إلاّ أن يقال إنّ صحيحة زرارة في المشبه به ظاهرة في الطهرين كما
لايخفى ، لوحدة السياق في الحرة والأمة .
وثالثاً : انّه لاعموم في التنزيل في الصحيحة بل التنزيل فيها في الاشهر فقط
بقرينة الصدر .
ورابعاً : أنّ المذكور فيها حيضة ونصف لا الحيضتان ، وبالجملة فالذهاب إلى هذا
المذهب موجب لطرح عمدة اخبار الباب .
( وإن كانت لاتحيض وهي في سنّ من تحيض فخمسة وأربعون يوماً) .
بلاخلاف فيه بل عليه الاجماع بقسميه ، وتدل عليه موثقة زرارة قال : «عدّة المتعة
خمسة وأربعون يوماً ـ كانّي أنظر إلى أبي جعفر(عليه السلام) يعقده بيده خمسة
وأربعين ـ فاذا جاز الأجل كانت فرقة بغير طلاق»[576] .
وخبري عبدالله بن عمرو وأحمد بن محمد بن أبي نصر ممّا مرّ نقلهما[577]
.
وصحيحة ابن أبي نصر ايضاً عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام( قال : قال
أبوجعفر)عليه السلام) : «عدّة المتمتعة خمسة وأربعون يوماً ، والاحتياط خمسة
وأربعون ليلة»[578] .
وفي الاحتياط المذكور ، احتمالان ، كونه من الامام(عليه السلام( ، او من ابن ابي
نصر الراوي ، وكيف كان فيخطر بالبال أنّ الغرض منه الاحتياط في استبراء الرحم باكثر
الأمرين فيما كان مبدء العدّة من اليوم وإلاّ ففي ما كان من الليل فالاكثرية وكون
العدد منهما قهريّة كما لايخفى والاحتياط ليس في الحكم حتّى يستحيل من الامام
المعصوم(عليه السلام)على احتمال كونه منه(عليه السلام) بل الاحتياط في حكمة العدّة
وهي الاستبراء ويكون في الموضوع المشتبه فلابأس به بل هو مطلوب لحسنه كما لايخفى ،
وعلى مثل ذلك تحمل الليلة في صحيحة ابن مسلم ففيها أنه سأل أباعبدالله)عليه السلام)
«عن المتعة ، فقال : إن أراد أن يستقبل أمراً جديداً فعل ، وليس عليها العدّة منه ،
وعليها من غيره خمسة وأربعون ليلة»[579] .
( والمراد من الحيضتين ، الكاملتان ، فلو وهبت مدّتها أو انقضت في اثناء الحيض
لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين) .