و ذلك يبطل ايضا دعوى البعض: انهم كانوا يجلون فاطمة و يحترمونها و يسعون لرضاها، و ما الى ذلك.
و اما استرضاؤهم لها، فسياتى انه كان مناورة سياسية، فاشلة و غير مقبولة..
قبول الناس بضرب الزهراء:
اما بالنسبة الى قول المستدل:ان الناس لن يوافقوا على التعرض للزهراء (ع) بسوء او اذى.
فاننا نقول:
اولا: لو صح ان الناس سوف يواجهونهم لو ارادوا بالزهراء (ع) سوءا، فان محاولتهم احراق الباب، و جمعهم الحطب، قد كان يجرى بمراى من الناس، و قد امتلات شوارع المدينة بالناس، كما جاء فى بعض النصوص، فلماذا لم يتدخل احد لمنعهم من ذلك؟!
و ثانيا: حين قال فلان للنبى (ص) لما طلب الدواة و الكتف ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده: ان النبى ليهجر. لماذا لم يجد احدا يعترض عليه، و يدينه، او يلومه، او يواجهه بما يكره، او حتى من يعبس فى وجهه؟!
الم يكن النبى (ص) اعظم و اقدس فى نفوس الناس من الزهراء (ع)، و من على عليه السلام، و من كل احد؟!.
و ثالثا: لو قبلنا بان الناس لا يوافقونهم على ذلك، لكن هل كان بوسع الناس و بمقدورهم الانكار على الحكام الجدد، الذين بداوا حياتهم السياسية بالعنف و اقاموا حكمهم بقوة السيف؟!.. الم يكن الناس مغلوبين على امرهم؟!.
احتجاج الزهراء بما جرى!
و اما بالنسبة للاحتجاج على القوم بما اقترفوه فى حق الزهراء عليهاالسلام فاننا نقول:اولا: انه لا تصح مقولة: ان عدم الاحتجاج تلازم عدم وقوع الحدث؛ اذ ان الحدث يقع ثم تحصل موانع من ممارسة الاحتجاج به
احيانا، و بعبارة اخرى اذا حدث امر، و شهده الناس و عاينوه، و تحققوه بانفسهم، فلا تبقى ثمة حاجة الى ذكره، و لا فائدة من الاخبار به، و لا سيما لمقترف ذلك الجرم نفسه، الا اذا كان ثمة ضرورة اخرى كالزامه بالامر او ما شاكل.
ثانيا: قد ذكرنا انها عليهاالسلام لو جعلت هذا الامر محور اعتراضها على الغاصبين للخلافة، فانها تكون قد وقعت فى محذور تضييع القضية المحورية الكبرى، و هى قضية الخلافة؛ لانهم سوف يتمكنون من ان يصوروا للناس: ان النزاع معها (ع) نزاع شخصى على امور صغيره، و لن يعود نزاعا على الدين، او على من هو احق بالخلافة، او على مصلحة الامة.
و اذا صارت المسالة شخصية، فان الواجب يفرض على الزهراء (ع) العفو عن المسيئين، حين جاؤا اليها، و طلبوا العفو منها، لان العفو فى الامور الشخصية مما يفرضه الخلق الانسانى و الاسلامى، و قد قال الله تعالى: (خذ العفو و امر بالعرف، و اعرض عن الجاهلين)،
سورة الاعراف: 199.