المرتبطة بالزهراء عليهاالسلام و بغيرها هى جزء من هذا الدين، و لها أهميتها البالغة فى صياغة الشخصية الايمانية، و الانسانية، و الرسالية، بما لها من خصائص تحقق للانسان وجوده، و تخصصه، و تميزه، و تجعله على درجة عالية من الصفاء و النقاء و الطهر، كما أنها تحقق درجة من الارتباط الوجدانى بأولياء الله و أصفيائه، و المزيد من الحب لهم و بهم، و التفاعل الضميرى و الوجدانى مع كل ما يقولون و ما يفعلون.
و قد أخبر الائمة (ع) بعض الخلص من أصحابهم ببعض الغيوب، من أمثال ميثم التمار، وزرارة، و محمد بن مسلم، و غيرهم، فما أنفع الغيوب لمن علمها و تعلمها، و ما أروع هذه الكرامات، و ما أجلها و أشد تأثيرها، و ما أعظم الحاجة اليها، و ما أروع القرآن العظيم، و هو يركز على كثير من المفردات التى تدخل فى هذا السياق، معلنا بذلك أهميتها البالغة، فى بناء الشخصية الانسانية و الايمانية و الرسالية.
الارتباط الفكرى لا يكفى:
فلا يصح اذن ما يردده البعض من أن المطلوب هو مجرد الارتباط الفكرى بهم (ع) من خلال معرفتنا بسياساتهم، و أنماط سلوكهم الشخصى، و بأنشطتهم الاجتماعية ليكونوا لنا أسوة و قدوة على طريقة التقليد و المحاكاة، و ليثير ذلك فينا حالة من الزهو و الاعجاب بهم كأشخاص، كاعجابنا بغيرهم من الباقرة و المفكرين، مثل أديسون أو ابن سينا.اذ أن المطلوب هو الارتباط الفكرى، و الضميرى، و الوجدانى الذى تشارك فيه المشاعر، و تستجيب له الاحاسيس بعفوية و انقياد،
و يهتز له كل كيان الانسان و عمق وجوده بطواعية و استسلام.
المطلوب هو أن يدخل هؤلاء الاصفياء الى قلوبنا ليكونوا حياة لها، و الى أرواحنا لتكون أكثر توهجا و تألقا، و الى نفوسنا لتصبح أكثر صفاء و نقاء و خلوصا.
المطلوب هو أن يكون لهم الحظ الأوفر فى صياغة شخصيتنا الايمانية و ان يسهموا فى صنع مشاعرنا و تكوين أحاسيسنا.
و لنستبعد نهائيا اذن مقولة: هذا علم لا ينفع من علمه، و لا يضر من جهله، فانها مقولة مضرة بالتأكيد لا تجلب لنا الا الخسران، و البوار و الخيبة.
و لو غضضنا النظر عن ذلك كله، فان ميزان النفع و الضرر الذى يتحدثون عنه غير الواضح المعالم، فهو يختلف فى حالاته و موارده، فقد يكون الحديث عن الطب غير نافع للنجار فى مهنته، و الحديث عن الفلك غير نافع للحداد، أو الحائك فى حرفته، أو للادارى فى دائرة عمله..
لكن الامر بالنسبة لقضايا الايمان و السلوك ليس بالضرورة من هذا القبيل و ان كانت درجات المعرفة و مقتضياتها تختلف من شخص لآخر على قاعدة: أمرنا ان نحدث الناس على قدر عقولهم.
تنزه الزهراء عن الطمث و النفاس:
يقول البعض: ان عدم رؤية السيدة الزهراء للعادة الشهرية يعتبر حالة مرضية تحتاج الى العلاج؟ أو هى على الاقل حالة نقص فىأنوثتها و فى شخصيتها كامرأة، و لا يمكن عدها من كراماتها و فضائلها، و كذا الحال بالنسبة للنفاس.
با يصف هذا البعض القول بتنزه الزهراء عن الطمث و النفاس بأنه من السخافات.
و نقول:
أولا: قد يحدث لبعض النساء- و ان كان ذلك قليلا- أن لا ترى دما حين الولادة، أو ترى شيئا يسيرا منه، و لا يعد ذلك نقصا فى أنوثتها و شخصيتها كامرأة.
و أما بالنسبة لتنزه الزهراء (ع) عن العادة الشهرية، فاننا نقول:
ان الخروج عن مضائق الطبيعة لا يعد نقصا، بل هو كرامة و فضل، ككرامة مريم عليهاالسلام حيث حملت بعيسى (ع) و لم يمسسها بشر، و زوجة ابراهيم (ع) ايضا قد حملت و هى عجوز، و حملت زوجة زكريا (ع) و هى عاقر.
و أمثال ذلك من الكرامات و خوارق العادات كثير..
و ان تنزه الزهراء (ع) عن ذلك يشير الى علو مقامها، و الى خصوصية تميزها عن كل من سواها، ما دام ان المحيض من الأذى، كما قال سبحانه
قال تعالى: (و يسألونك عن المحيض. قل: هو أذى، فاعتزلوا النساء فى المحيض) سورة البقرة: 222.