ألا يدافع على عن وديعة الرسول؟:
قد يتساءل البعض فيقول:اذا كانت الزهراء (ع) وديعة رسول الله (ص) عند على (ع) فكيف لم يدافع عنها؟! ألا يجب حفظ الوديعة؟
و الجواب:
أولا: ان الجواب السابق يكفى هنا، فان دين الله كان أعظم وديعة من قبل الله و رسوله عند على عليه الصلاة والسلام. و لابد من حفظ هذه الوديعة نفسها- أعنى الزهراء- لم
تتوان لحظة فى الدفاع بنفسها، و بكل ما تملك و تستطيع عن الوديعة الأخرى، اعنى دين الله سبحانه و تعالى.
ثانيا: ان عليا (ع) لم يفعل ما يتنافى مع حفظ الوديعة، و الزهراء (ع) قد قامت بواجبها، و عملت بتكليفها، و المهاجمون هم الذين خالفوا حكم الله، و اعتدوا على وديعة رسول الله (ص)، فالخطاب بحفظ الوديعة موجه اليهم بالدرجة الاولى.
أم القول بأن ترك على (ع) لها لتواجه هى التحدى وحدها، يعتبر تفريطا منه عليه السلام بها...
فلس صحيحا بل هو من سخف القول، لأن تكليفها هى أن تواجه و تدافع عن الامامة، و قد قامت بذلك.
و تكليفه هو أن لا يعطيهم شرعية، و لا مبررا لتمرير مخططهم، و أن يحفظ للناس فرصة تمييز الحق من الباطل، ثم أن لا يعطيهم فرصة الاعتداء على الزهراء (ع) و لا يمكنهم من تلميع صورتهم، و تخفيف بشاعة ما ارتكبوه و اقترفوه ثم تمريرهم ذلك على الناس بدهاء.
و تكليف المهاجمين هو ارجاع الحق الى نصابه، و أن لا يعرضوا أنفسهم لغضب الزهراء (ع)، و من ثم لغضب الله و رسوله.
و قد قام على و الزهراء عليهماالسلام الله بما يجب عليهما خير قيام، و لم يكن بالامكان فعل ما هو أفضل من ذلك.
و من يعمل بواجبه الشرعى لا يمكن أن يعتبر مفرطا بالوديعة، و مخالفا للحكم الشرعى، بل التفريط انما جاء من قبل الآخرين.
هل ضرب الزهراء مسألة شخصية؟!
و يتابع البعض اعتراضاته، فيقول:ان كنتم تقولون: ان عليا لم يدافع عن الزهراء، بسبب وصية النبى (ص) له حيث «قيدته وصية من أخيه».
فاننا نقول لكم: انما أوصاه النبى (ص) أن لا يفتح معركة من أجل الخلافة، و لم يقل له: لا تدافع عن زوجتك. و ضرب الزهراء لا علاقة له بالخلافة، لأنها مسألة شخصية، كما ان الزهراء نفسها لا علاقة لها بالخلافة، أما مسألة الخلافة فهى تتعلق بالواقع الاسلامى كله.
و الجواب:
اننا قبل الاجابة على ما تقدم نسجل ملاحظة هنا مفادها:
أن مسألة الزهراء مع القوم هى مسألة الامامة، ثم الخلافة؛ لأن هؤلاء انما ينصبون أنفسهم أئمة للناس، و الامامة مقام الهى جعله الله لغيرهم، و الخلافة هى أحد شؤون الامامة. و الدليل على ما نقول: هو محاولتهم تخصيص أنفسهم بحق التشريع، بل يقول أحدهما حينما عوتب على بعض تشريعاته: أنا زميل محمد
تاريخ الامم و الملوك: ج 3 ص 291 (ط الاستقامة) و الفائق: ج 2 ص 11.