و خامسا: البيت صغير، لا يتسع لجميع بنى هاشم، و لا حتى لنصفهم، خصوصا مع دفن النبى (ص) فى ذلك البيت، حيث لا بد من مراعاه حرمته ايضا.
و سادسا: ان الذى منع عليا عليه السلام، و فضة، والحسنين عليهماالسلام من فتح الباب، هو نفسه الذى منع الزبير، و سائر بنى هاشم من ذلك، كما سيتضح فى الاجابة على السؤال التالى ان شاء الله تعالى.
لو أجابهم على:
يزعم البعض: أنه قد كان على على (عليه السلام) أن يفتح الباب، أو تفتحه فضة أو غيرها. أما الزهراء (عليهاالسلام)، فلا مبرر لمبادرتها هى لفتح الباب دونهم.و الجواب:
هناك أمران، لا بد من الحديث عنهما:
أحدهما: هل يمكن لعلى (عليه السلام) أو غيره أن يفتح الباب؟!
الثانى: لماذا لابد للزهراء (عليهاالسلام) دون سواها أن تتولى هذا الأمر؟
و الاجابة على هذين السؤالين متداخلة، و لأجل ذلك حررناها على النحو التالى:
أولا: لقد كان النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) يأمر بعض زوجاته بفتح الباب للطارق، كما تقدم، فلا حرج مبدئيا من قيام الزهراء بمهمة اجابة الطارقين.
ثانيا: ان من الواضح: أن فتح على عليه السلام للباب، أو على الأقل اجابته للمهاجمين و لو من خلف الباب لا يخلو من أحد أمرين:
اما أن يفعل ما يأمرونه به من المبادرة الى بيعة صاحبهم- أعنى أبابكر-، و يكون فى هذه الحالة قد قدم ما يشبه الاعراف بشرعية ما قاموا به، بل هو يلغى كل دلالة على أن له حقا فى هذا الأمر من
الأساس.
و اما أن يقتصر على اجابة المهاجمين، ثم الامتناع عن تلبية طلبهم، و هذا سوف يدفع بالمهاجمين الى مجادلته، و محاولة التأثير عليه بالكلمة القوية، أو اللينة، أو حتى محاولة اخراجه للبيعة بالقوة.
و ذلك منه عليه السلام سوف يعطيهم الفرصة لتشويه الأمور، و اظهارها على غير حقيقتها، و ادعاء ما يحلو لهم عليه، بحيث يكسرونه و يشوهون الحقيقة للناس، و هم المهيمنون و الحاكمون، و اليهم تتلع الأعناق الطامعة، و يتزلف المتزلفون.
انهم سوف يقولون للناس: لقد جئنا للتعزية و السؤال عن الحال، ولكن عليا (عليه السلام) هو الذى واجهنا بالكلمة اللاذعة، أو بالعنف، حسدا منه لنا، و اعتدادا بنفسه، و ادلالا بمواقفه، و بقوته، و بقرابته من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)، ثم بفروسيته، و بكونه زوج بنت الرسول، و أباالسبطين، فهو المعتدى و نحن الضحية، و هو الحاسد و الحاقد، و المهاجم و المغرور، و هو الطامع فى أمر كان هو بنفسه قد أعلن انصرافه عنه، حيث انهم كانوا قد أشاعوا عنه بين الناس، و هو منشغل بتجهيز رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بأنه لا يريد هذا الأمر، كما يدل عليه قول المنذر بن أرقم فى السقيفة، حينما رجحت كفة أبى بكر على سعد، و اختلف الأنصار فيما بينهم، و تنازعوا:
«ان فيهم لرجلا، لو طلب هذا الأمر، لم ينازعه فيه أحد. يعنى على ابن أبى طالب (عليه السلام)
تاريخ اليعقوبى: ج 2 ص 123.