لو أجابتهم فضة؟ - مأساة الزهراء، شبهات... و ردود جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مأساة الزهراء، شبهات... و ردود - جلد 1

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

».

ثم قرأ رابعة: ان هذا الشخص قد ندم على اعراضه، و استيقظ فيه هاجس الطمع من جديد، فواجههم حين أتوه برفض طلبهم، و بالاعلان بالنكير عليهم، بل واجههم بالشتائم و بقواذع القول، و قوارص الكلام، بل أنبهم على هذه الخيانه العظيمة، و على هذه الجريمة الجسمية.

ثم قرأ أيضا: انهم قد قابلوا الشتيمة بمثلها، و الشدة و العنف بمثله أيضا، حتى تفاقمت الأمور الى درجة الصدام، و الافتراق و الالتحام، بفعل حدة الغضب.

فانه أيضا سوف يقبل و يصدق ذلك، و يرى أمامه صورة مكتملة و منسجمة، و سيقول فى نفسه: ان الملك عقيم لما فيه من الجاه و المال و المناصب و المكاسب، و لما فيه الكرامة و القداسة. و الكل يحب أن يحصل على حكم فيه كل هذا، و سيتذرع لذلك بالحجج و البراهين، و يحشد له الشواهد و الدلائل، و قد يظلم و يعتدى و يزور

الحقائق فى سبيل ذلك.

اذن، فلن يستطيع هذا الشخص أن يكتشف الحقيقة، اذا عرض عليه ملك أو سلطان يتنازعه فريقان كل منهما يقول فى ظروف كهذه: أنا المظلوم و المعتدى عليه، و الآخر هو الظالم و هو المهاجم؛ لأن هذا الشخص- كما قلنا- لا يملك المعايير الكافية التى تمكنه من حصحصة الحق، و تمييزه عن الباطل.

و قد عبر بعض المستشرقين عن هذه الحقيقة المهمة، حينما قال: انه لم يدرك مظلومية الامام الحسين عليه السلام الا من قتل طفله الرضيع، و هو كلام صحيح؛ لأنه لا يملك مفتاحا يستطيع بواسطته أن يدخل الى شخصية الامام الحسين (عليه السلام)، و لا معيارا يعرفه الحق من الباطل فى قضية الحسين (عليه السلام) الا المعيار العاطفى و الانسانى، أما نحن فلدينا القرآن، و كلام الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) و لدينا مثل وقيم، و حقائق، نقيس بها الأمور، و نعرف الحق من خلالها.

و هكذا يتضح: أنه لو كان على عليه السلام هو الذى اجاب المهاجمين لضاع الحق لدى الكثيرين من الناس، و هو ما لم يكن على (عليه السلام) ليقدم على التفريط به فى أى ظرف، و لكانوا فعلوا ما أرادوه من اقتحام البيت، و غيره من أمور، و كانوا أعظم شراسة و أشد ضراوة، و أكثر عنفا و فتكا بأهله، و لوقع الناس فى أعظم البلاء، حيث تسد عليهم النافذة الوحيدة لمعرفة الحق خصوصا من كان منهم بعيدا عن أجواء المدينة، فضلا عن الأجيال اللاحقة، و الى يومنا هذا، و هل كان يمكن اكتشاف المحق من المبطل، و الطامع، المتغلب، المغتصب، و المهاجم من المظلوم، و المضطهد، و المقهور، و المسلوب حقه، و المكذوب

عليه بما راج آنئذ من شائعات و أباطيل؟

نعم، لو كان على (عليه السلام) هو الذى أجاب المهاجمين لضاع الحق، و لطمست الحقيقة.

و لعل احدا منا، أو فقل: لعل الكثيرين منا لم يكونوا يتشيعون له، و لا عرفوا حقه و صدقه، و لكان لنا حديث آخر مع هذا الاسلام العزيز.

و قد كان على عليه السلام اماما للأولين و للآخرين و هو مسؤول عن تحصين الأجيال الى يوم القيامة فى وجه التضليل و التزوير، و لا سيما فيما يمس عقائدهم، و عليه أن يمنحهم الفرصة الحقيقة لاكتشاف هذا التزوير فى أى موقع كان، و من أى كان.

لو أجابتهم فضة؟

و حتى لو أن فضة هى التى أجابتهم على الباب؛ فان الأمر لا يختلف عما ذكرناه، لأن اجابتها لن تعرف الناس على حقيقة ما يكن اولئك القوم من حرص على هذا الأمر، و اصرار أكيد على ابتزاز و انتزاع الحق من صاحبه الشرعى، و قد كان بامكانهم ازاحتها عن طريقهم باسلوب لن يكون له دور فى جلاء الصورة، و لا فى معرفة الحقيقة، اذ يمكن ان يتهموها هى بأنها قد واجهتهم بطريقة غير مؤدبة و لا أخلاقية.

و لم يكن لفضة ذلك المقام الرفيع الذى كان للزهراء عليهاالسلام، و لم يقل النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) فى حقها، ان الله يغضب لغضبها. أما الزهراء عليهاالسلام، فهى المرأة المعصومة و المطهرة بنص

القرآن، و هى التى يغضب الله لغضبها و يرضى لرضاها.

فلو لا الزهراء اذن، لطمست معالم الدين، و لحقق الحاقدون و المنافقون المتربصون بهذا الاسلام العزيز أغلى و أحلى أمنياتهم. فالزهراء عليهاالسلام بخطواتها المعدودة تلك نحو الباب قد حصنت حق على عليه السلام، و حفظت الامامة- لا الخلافة فقط- من التجنى و التزوير. ثم هى قد مكنت الناس حتى غير المسلمين من اكتشاف الحقيقة، سواء من عاش منهم فى ذلك العصر، أو الذين جاؤا و يجيئون بعد ذلك.

و التأمل فى التاريخ يعطينا: ان كل امام له دور رئيس فى حفظ اساس الاسلام الى درجة أنه لو لاه لضاع الدين ضياعا حقيقيا، فلو لا تبليغ الامامة يوم الغدير، و لو لا صلح الامام الحسن، و لو لا استشهاد الامام الحسين عليهماالسلام. و لا غرو اذا قلنا ايضا: لو لا موقف الزهراء هذا، الذى تعرضت فيه للأذى، و للضرب و اسقاط الجنين، لم يكن من هذا الاسلام الا المظاهر و الأسماء و الا الأشكال و الطقوس الجوفاء.

استطراد، أو مثال و شاهد:

و نذكر هنا شاهدين اثنين، يدخلان فى نطاق ما ذكرناه من مسؤولية النبى و الامام عن تحصين الأمة عن أن تقع فريسة التزوير الاعلامى هما:

الأول: ان النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) قد طلب فى مرض موته أن يأتوه بكتف و دواة، ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده، رغم أنه كان

قد نص على امامة عى عليه السلام فى كثير من المناسبات و المواقف قبل ذلك، و لا سيما فى يوم الغدير، حيث أخذ له البيعة من الناس ايضا.

ولكنه صلى الله عليه و آله و سلم أراد ان يحصن الأمة عن أن تقع فريسة التزوير، حتى لا يقال لها: ان النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) قد عدل عن رأيه، و قد استجدت امور، و نشأت ظروف اقتضت استبعاده عليه السلام عن هذا الأمر.

و قد اظهرت مبادرة النبى هذه حقيقة ما كان يكنه البعض فى نفسه، و ما كانوا يبينونه جاه هذه القضية بالذات، حين قيل و رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يسمع: ان النبى ليهجر، أو نحو ذلك. و لم يعد مجال للتعلل بأن صحابته صلى الله عليه و آله و سلم اتقياء مخلصون، يحترمون رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)، و يحرصون على تنفيذ أوامره، و كسب رضاه. فان قولهم: ان النبى ليهجر، قد أظهر مدى جرأتهم على الرسول الكريم؛ فاذا كانت مطامعهنم و مصالحهم تدعوهم الى هذه الجرأة، و اذا كانوا يواجهون أعظم نبى بهذا الأسلوب الجاف، فهل يتورعون عن ضرب النساء، و عن طمس الحقيقة فى سبيل تحقيق أهدافهم؟!

الثانى: حمل الحسين عليه السلام معه النساء و الأطفال الى كربلاء حتى لا يدعى الحكام المجرمون أن اللصوص قتلوا الحسين، أو أنه تاه فى الصحراء، فمات عطشا، كما جرى لدليلى مسلم بن عقيل، أو أن السباع قد افترسته أو ما الى ذلك.

ثم يأتى هؤلاء المزورون، و يشيعون جنازته بالاحترام و التبجيل، مع اظهار مزيد من الحزن و الأسى على فقده، و يخدعون الناس بذلك،

و يؤكدون نهجهم الانحرافى و الاجرامى.

و لأجل ذلك أيضا، خرج عليه السلام من مكة فى يوم التروية، مع أن المفروض هو أن يتوجه فى هذا اليوم الى عرفات، مع العلم أن الحسين عليه السلام هو الوحيد الباقى من ذرية النبى (صلى الله عليه و آله و سلم)، و هو الرمز، و هو الذى يراه الناس مسؤولا عن حفظ هذا الدين و رعايته، و تعليمهم أحكامه، فكيف يخرج و يتركهم، فى يوم تبدأ فيه مراسم، شعيرة هى من أعظم شعائر الاسلام؟! فبدل أن يوجه الى عرفات يتوجه الى جهة أخرى !!. ان ذلك سوف يصرف الانتباه، و يطرح الكثير من التساؤلات.

انه يخرج من مكة الى غير مكة، و من قلب العالم الاسلامى النابض، الذى يحتضن أعظم المقدسات الاسلامية الى بلد آخر لا مقدسات فيه، و هو يتركها فى ايام الحج لا فى الأيام العادية؛ و بالذات، فى أول يوم من أيامه، و المفروض أن يكون هو أير الناس، و قائدهم، و مرجعهم الذى يرجعون اليه، ليعلمهم مناسك حجهم، و أحكامه.

و الحسين عليه السلام نفسه هو ذلك الشخص الذى تتمنى القلوب و العيون ان تراه، و لو مرة فى العمر، فضلا عن السعادة الغامرة لكل مسلم بالتحدث اليه، و الجلوس بقربه.

ثم انه عليه السلام يعلن للناس جميعا: ان الله شاء أن يراه قتيلا، و عن النساء: ان الله شاء أن يراهن سبايا.

فهناك اذن جريمة، و هى غير عادية، انها جريمة قتل لانسان عظيم، و فى ظروف غير عادية. انها جريمة تستهدف أعظم انسان على

وجه الأرض، و قتله فى حرب مدمرة، قتلت فيها الرجال كل الرجال من ذرية الرسول، و كل من معهم، و تسبى بنات الوحى و أهل بيت النبوة.

اذن، فلا بد أن يتساءل الناس عن هذا لمجرم من هو، و عن موقفهم و مسؤولياتهم تجاه هذا الواقع الخطير و المرير... و لسوف ينتظرون نبأ الجريمة بفارغ الصبر.

فخروج السحين (ع) لم يكن لأجل دنيا و سلطان، و لا فرارا من خطر، و لا للاستجمام و النزهة، بل كان لمواجهه الخطر بأعظم مراتبه، و مواجهة التحدى.

والذين سمعوا من الحسين (عليه السلام) هذا القول، و واجهوا هذا الحدث، قد جاؤا من كل بقاع الاسلام، و ربما من كل مدينة و قرية، و من كل حى و شارع، سيرجعون بذكريات تلامس مشاعرهم و عواطفهم، و عقيدته، و تهز ضمائرهم، و توقظ وجدانهم، و سيتحدثون لزوارهم عن هذه الذكريات التى لا تزال نابضة بالحياة، لأنها منذ بدايتها جعلتهم يعيشون حالة الترقب و الانتظار.

و هذا ما سيضعف قدرة سلطات القهر و الظلم على تزوير الحقيقة مهما حاولت ذلك، و ستبقى الشكوك و علامات الاستفهام الكبيرة تواجه ذلك التزوير بقوة، مهما كان خفيا و ذكيا. فصلوات الله على الحسين و على أولاد الحسين و على أصحاب الحسين.

أ يخافون من فتح الباب و هم مسلحون؟!

وثمة محاولة أخرى، يبذلها البعض لترجيح مقولة: انه لا مبرر

لأن تفتح الزهراء (ع) الباب دون غيرها ممن كانوا فى داخل البيت، فهو يقول: « اذا جاؤا ليعتقلوك فهل تقول لزوجتك: افتحى الباب، أم تبادر أنت الى فتحه؟!».

و الجماعة قد جاؤا ليعتقلوا عليا، فلماذا تفتح الزهراء (ع) الباب؟ خصوصا و أن الذين فى داخل البيت كانوا مسلحين، فهم لا يخافون من المواجهة مع المهاجمين، و قد خرج الزبير مصلتا سيفه، فكسروا سيفه.

و يظهر ان هذا الاشكال مأخوذ من الفضل بن روزبهان، الذى قال:

«ان عيون بنى هاشم، و أشراف بنى عبد مناف، و صناديد قريش، كانوا مع على. و هم كانوا فى البيت، و عندهم السيوف اليمانية، و اذا بلغ أمرهم الى ان يحرقوا من فى البيت، أتراهم طرحوا الغيرة و تركوا الحمية رأسا، و لم يخرجوا بالسيوف المسلة فيقتلوا من قصد احراقهم بالنار»؟

ابطال نهج الباطل (مطبوع مع دلائل الصدق): ج 3 ص 46.

/ 362