ان هذا الكلام لا يمكن قبوله اذ لا يمكننا قبول مقولة: ان النبى (ص) كان يعانى من عقدة نقص، نشات عن فقده امه، فاحتاج الى من يعوضه ما فقده..
بل معنى هذه الكلمة: ان الزهراء كانت تهتهم بابيها، كما تهتم الام بولدها، و هذا لا يعنى: ان ذلك سيعوض النبى عن عاطفة فقدها، او سيكمل نقصا يعانى منه.
و بعد، فهل يمكن ان يقبل هذا البعض ان غير الزهراء عليها الصلاة والسلام كان بامكانها ان تملا هذا الفراغ. لو حدبت على رسول الله (ص)، و منحته قسطا من العاطفة التى هو بحاجة اليها؟!
ان الكلمة المذكورة: «ام ابيها» تريد ان تبين لنا حقيقة و ابعاد تعامل السيدة الزهراء، مع ابيها، و لا تريد ان تتحدث عن مل ء فراغات او حل عقد نقص فى الشخصية النبوية المقدسة، و العياذ بالله.
العصمة جبرية فى اجتناب المعاصى،؟!!
1- يتحدث البعض: عن ان العصمة التى تجلت فى الزهراءعليهاالسلام قد انتجتها البيئة و المحيط الايمانى الذى عاشت و ترعرعت فيه، لانها كانت بيئة الايمان و الطهر و الفضيلة و الصلاح.
و من الواضح: ان هذه المقولة فيما تستبطنه تستدعى سؤالا حساسا و جريئا، و هو:
ماذا لو عاشت الزهراء فى غير هذه البيئة، و فى محيط ملوث بالرذيلة و الموبقات؟!
و ماذا لو عاش غير الزهراء فى هذه البيئة بالذات؟
هل سوف تكون النتيجة هى ذاتها؟! و قد عاش البعض فعلا فى هذه البيئة بالذات، فلماذا لم يكن الامر كذلك؟
2- و مع كل ذلك نرى هذا البعض نفسه يتحدث عن تكوينية العصمة، الامر الذى يستبطن مقولة «الجبر» الالهى، التى ثبت بطلانها، و نفاها اهل البيت (ع)، بقولهم: لا جبر و لا تفويض بل امر بين الامرين.
و نقول:
ان ذلك يثير اكثر من سؤال جرى ء و حساس ايضا. و هو انه لو كانت البيئة هى المؤثرة، فما معنى كون العصمة تكوينية؟! و ممنوحة بالفيض الالهى المباشر، و بلا و ساطة شى ء، من محيط او غيره؟!
ثم هناك سؤال آخر عن:
السبب فى تخصيص هؤلاء بهذه العصمة الاجبارية التكوينية؟
و لماذا لم ينلها غيرهم معهم من سائر بنى الانسان؟!!
و لماذا نحن نتعب و نشقى، و نحصل على القليل، و تكون لهم هم الدرجات العالية، مع انهم لم يتعبوا و لم يجاهدوا انفسهم مثلنا؟!
و سؤال آخر؛ و هو: الا يكون الشخص الذى يقوم بالامتناع. من تلقاء نفسه- عن سيئة واحدة، او المبادرة الى عمل حسنة واحدة فى حياته، يجاهد بها نفسه و غرائزه، افضل من جميع النبيين و الاوصياء المعصومين بالتكوين و الاجبار؟!
يضاف الى ذلك سؤال آخر و هو: الا يعنى ذلك ان لا يستحق المعصوم مدحا و لا اجرا على عباداته، و لا على اى شى ء من طاعاته للاوامر و الزواجر الالهية؟!.
هذا السؤال قد ساله علماؤنا رضوان الله تعالى عليهم لاولئك القائلين بعدم قدرة المعصوم على المعصية. راجع اللوامع الالهية: ص 169.