زوجتا النبى نوح و النبى لوط: - مأساة الزهراء، شبهات... و ردود جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مأساة الزهراء، شبهات... و ردود - جلد 1

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فنجده سبحانه قد ضرب مثلا للذين آمنوا- و ليس لخصوص النساء المؤمنات- بآسية بنت مزاحم، و مريم بنت عمران.

و ضرب مثلا للذين كفروا- و ليس لخصوص النساء الكافرات. بزوجتى نوح و لوط- و لتوضيح ذلك نقول:

زوجتا النبى نوح و النبى لوط:

ان الذى يساعد على وضوح ما نريد بيانه فى معنى الآيات، هو ملاحظة الامور التالية:

1- أشار فى الآية الى وقوف امرأة فى مقابل رجل، و لعل البعض يرى للرجال على النساء تميزا فى جهات معينة، تعطى للرجل الافضلية و الأولوية فى أمور كثيرة.

2- ان هذين الرجلين هما فى موقع الزوجية، و للزوج موقعه القوى فى داخل بيت الزوجية على الأقل.

3- و مع صرف النظر عما تقدم، فان الزوج عادة هو أعرف الناس حتى من الأم و الأب، بأحوال زوجته، و بطبائعها، و بنقاط ضعفها و قوتها، لأنه على احتكاك عملى مستمر معها، و هى تعيش معه

- عادة- الوضوح بأقصى و أرفع درجاته.

4- و هذا الرجل يملك من صفات الكمال الانسانى كل اسباب القوة خصوصا فى و عيه، و تدبيره، و عقله و حكمته، و من حيث مستواه الفكرى، و سلامة هذا الفكر، و من حيث قدراته الاقناعية، فضلا عما سوى ذلك، بل هو القمة فى ذلك كله، حتى استحق ان يكون نبيا، بل رسولا، بل ان أحدهما و هو نوح، من أولى العزم الذين يملكون أعلى درجات الثبات و الحصانة و القوة.

و هل هناك أعرف من النبى الرسول بأساليب الاقناع و وسائله و أدواته؟ أم هناك أكثر منه استجماعا للمفردات الفكرية و غيرها مما يحتاج اليه فى ذلك؟!.

5- كما ان هذه المرأة تعيش فى محيط هدى، و فى أجواء الطهر، و الصفاء، و الاستقامة، و الفضيلة، و الايمان، و الخير، و الصلاح، حيث يتجسد ذلك كله واقعا تتلمسه بصورة مباشرة، و ليس مجرد نظريات.

أما الانحراف و السوء و الشرك فلن يكون فى هذا المحيط الا غريبا، مرفوضا، و منبوذا، لا يجد حرية الحركة، و لن ينعم بالقبول و الرضا ابدا.

6- ان هذين الرجلين النبيين، و أحدهما من أولى العزم، يتحملان مسؤولية هداية الأمة، و الذهب عنها، و ابعادها عن مزالق الانحراف و آفاته.

بل ان هذه الهداية هى مسؤوليتهما الاولى و الاساس، و هى كل شى ء فى حياتهما الرسالية الهادية. و ليست أمرا عارضا، كالمال

الذى يمكن تعويضه، أو الجاه الذى يمكن العيش بدونه، و لا هى من قبيل السلطة، و النفوذ، و ادارة البيت و لا هى مصلحة مادية، و لا اى شأن من شؤون الحياة، مما يمكن التغاضى عنه. بل المساس بها مساس بالمصير، و بالوجود، و بالمستقبل، و بالآخرة و الدنيا. انه ينظر الى هذه المهمة و يتعامل معها من موقع التقديس، و من موقع التعبد و التدين.

و تتحداه زوجته التى لا تدانيه فى شى ء مما ذكرناه، و تتمرد عليه فى صميم مسؤولية، و فى أعز و أغلى و أقدس شى ء لديه.

7- و هذا التحدى هو للمحيط و للبيئة؛ لأنه ينبع من داخل بيئة الصلاح، و الايمان و الخير، و الهدى.

8- و يزيد فى الألم و المرارة، أنها تتحداه فى شى ء يندفع اليه بفطرته، و يرتبط به بقلبه و وجدانه، و بأحاسيسه، و بعمق مشاعره، و بهيمنات روحه، و بكل وجوده.

و الأكثر مرارة فى هذا الامر، انها تريد ان تكون النقيض الذى لا يقتصر على مجرد الانحراف، بل هى تعمل على تقويض و هدم ما يبنيه، مستفيدة من المحيط المنحرف الذى قد يعينها على تحقيق ما تعمل من أجله، و يعطيها نفحة قوة، و فضل عزيمة.

و من جهة أخرى: فان هذا الامر لا يختص بمورد واحد يمكن اعتباره حالة عفوية أو استثناء أو حالة شاذة، فقد تكررت القضية ذاتها و شملت نوحا و لوطا عليهماالسلام اللذين ضرب الله المثل بما جرى لهما.

زوجة فرعون:

و فى الجهة المقابلة تقف المرأة المجاهدة الصابرة آسية بنت مزاحم الشهيدة. و نوضح ما نرمى اليه فى حديثنا عنها فيما يلى من نقاط:

1- ان آسية بنت مزاحم امرأة فى مقابل رجل، هو فرعون بالذات.

2- و فرعون هذا هو الزوج المهيمن و القوى، و هو يتعامل مع هذه المرأة الصالحة من موقع الزوجية.

3- و فرعون الرجل و الزوج، لا يملك شيئا من المثل و القيم الانسانية و الرسالية، و لا يردعه رادع عن فعل أى شى ء، فى أى موقع من مواقع حياته، فهو يسترسل مع شهواته، و طموحاته، و مصالحه، بلا حدود و لا قيود، و دونما وازع أو رادع.

أما آسية فعلى النقيض من ذلك، ترى نفسها محكومة لضوابط الدين و القيم و المثل، و هى تهيمن على كل وجودها فلا تستطيع أن تسترسل فى حركتها، و لا يمكنها أن تتوسل بكل ما يحلو لها.

4- و فرعون يمثل أقصى حالات الاستكبار فى عمق وجوده، و ذاته، حتى ليدعى الربوبية، و يقول للناس: «أنا ربكم الأعلى»، فلا يرى أن أحدا قادر على أن يخضعه، أو أن يملى عليه رأيه و ارادته، بل تراه يحمل فى داخله الدوافع القوية لسحق كل من يعترض سبيل أهوائه و طموحاته.

فرعون هذا تتحداه امرأته!! فى صميم كبريائه، و فى رمز استكباره و علوه، و عنفوانه، و عمق طموحاته، فى ادعائه الربوبية، و فى

كل ما يرتكبه من موبقات، و ما يمثله من انحراف.

5- و فرعون ملك لديه الجاه العريض، و غرور السلطان، و عنجهيته، و جاذبيته، و عنفوانه، و زهوه. و ما أحب تلك المظاهر الخادعة الى قلب المرأة، و ما أولعها بها.

و اذا كانت المرأة تميل الى الزهو، فانها الى زهو الملك العريض أميل، و اذا كان الجاه العريض يستثيرها، فهل ثمة جاه كجاه السلطان، فكيف و هو يدعى الربوبية لنفسه؟!.

6- أما المغريات فهى بكل صنوفها، و فى أعلى درجات الاغراء فيها، متوفرة لفرعون، فلديه الدور و القصور، و البساتين، و الحدائق الغناء، و لديه اللذائذ و الأموال، و الخدم و الحشم، ولديه الزبارج و البهارج و زينة الحياة الدنيا.

و هل ثمة أحب الى قلب المرأة من القصر الشاهق، و من الأثاث الفاخر، و اللائق، و من وصائف كالحور، و غير ذلك من بواعت البهجة و السرور؟!

7- و عند فدعون الرجال والسلاح، و كل قوى القهر، و التسلط، و الجبروت، و الهيمنة، و لذلك أثره فى بث الرهبة، و الرعب فى قلب كل من تحدثه نفسه بالتمرد، و الخلاف.

8- و عند فرعون أيضا المتزلفون، و الطامعون، و الطامحون، الذين هم وسائله و أدواته الطيعة، التى تحقق رغباته، و تلبى طلباته، مهما كانت، و فى أى اتجاه تحركت.

9- و هناك الواقع المنحرف الذى تهيمن عليه المفاهيم الجاهلية، و الجهل الذريع، و الافتتان الطاغى بالحياة الدنيا، هذا الواقع الذى تفوح

منه الروائح الكريهة للشهوات البهيمية، و تنبعث فيه الاهواء، و تضج فيه الجرائم.

10- و فى محيط فرعون، تريد امرأة فرعون أن تتخلى عن لذات محسوسة و حاضرة من أجل لذة غائبة عنها، مع ان الانسان كثيرا ما يرتبط بما يحس و يشعر به، أكثرا مما يرتبط بما يتخيله او يسمع به، بل هو يستصعب الانتقال من لذة محسوسة الى لذة أخرى مماثلة لها، فكيف يؤثر الانتقال الى ما هو غائب عنه، و لا يعيشه الا فى نطاق التصور و الامل بحصوله فى المستقبل، ثقة بالوعد الالهى له.

بل انها عليهاالسلام تريد ان تستبدل لذة و سعادة و نعيما حاضرا بألم و شقاء، و بلاء، بل بموت محتم لقاء لذة موعودة.

11- و بعد ذلك كله، ان هذه المرأة لا تواجه رجلا كسائر الرجال، بل تواجه رجلا عرف بالحنكة، و الدهاء، و الذكاء.

فكما كان عليها أن تواجه استكباره، و سلطانه، و بغيه، و كل ارهابه و اغرائه، فقد كان عليها ايضا ان تواجه مكره، و أحابيله، و تزويره، و أساليبه الذكية الخداعة، و هو الذى استخف قومه فأطاعوه.

و قد طهرت بعض فصول هذا الكيد و المكر فى الحوار الذى سجله الله سبحانه له مع موسى، و مع السحرة الذين جاء بهم هو، فآمنوا باله موسى

ان حنكة فرعون كانت عالية الى درجة أنه- كما قال القرآن الكريم- استخف قومه فأطاعوه، أى انه قد تسبب فى التأثير على مستوى تفكيرهم، و خفف من مستوى و عيهم للامور..

كما اننا حين نقرأ ما جرى بينه و بين موسى و السحرة، نجده أيضا فى غاية الفطنة و الدهاء، فقد قال تعالى:

(.. قال فرعون: و ما رب العالمين؟! قال: رب السموات و الارض و ما بينهما ان كنتم موقنين. قال لمن حوله ألا تستمعون؟! قال ربكم، و رب آبائكم الاولين. قال: ان رسولكم الذى أرسل اليكم لمجنون). سورة الشعراء، الآيات 23- 27.

فيلاحظ: انه حاول فى بادى ء الامر ان يسفه ما جاء به موسى بطريقة اظهار التعجب و الاستهجان. فلما رأى اصرار موسى على مواصلة الاعلان بما جاء به لجاء الى اتهامه بالجنون. ولكنه أيضا وجد أن موسى يواصل بعزم ثابت، و اصرار أكيد، اعلانه المخيف لفرعون فالتجأ الى استعمال اسلوب القهر و القمع، فقال لموسى: (قال: لئن اتخذت الها غيرى لأجعلنك من المسجونين). فواجهه موسى (ع) بابطال كيده هذا، و جرده من هذا السلاح، حيث قال له: (أو لو جئتك بسلطان مبين) فاضطره أمام الناس الى الرضوخ لذلك فقال: فأت به ان كنت من الصادقين) فأظهر موسى المعجزة التى جردته من سلاح المنطق و الحجة. ولكنه مع ذلك لم يستسلم بل التجأ الى سلاح آخر، يدلل على حنكته البالغة و دهائه العظيم و على درجة عالية من الذكاء، حيث نقل المعركة فورا من ساحته هذه الى ساحة الآخرين، و أخرج نفسه عن دائرتها، و جعل من نفسه انسانا غيورا على مصلحة الناس، يريد أن يدفع الشر عنهم، و أن يحفظ لهم مواقعهم فأظهر أن ما جاء به موسى (ع) لا يعنيه هو و لا يهدد موقعه، و انما هو يستهدفهم دونه فالقضية اذن هى قضيتهم، فلا بد أن يبادر كل منهم لمواجهتها، و ليست هى قضية يمكن التفريط فى شأنها، و لا هى تسمح لهم باللامبالاة، أو التأجيل، أو التواكل، مستفيدا من طبيعة المعجزة عنصر التمويه عليهم و التشويه للحقيقة، حيث اعتبر ان انقلاب العصا الى ثعبان و خروج اليد بيضاء، سحرا يريد موسى أن يتوسل به الى اخراجهم من أرضهم، فهو قد حول المعجزة القاهرة الى دليل له، يبطل به دعوى موسى التى جاءت المعجزة لاثباتها و تأكيدها، ثم ألقى الكرة فى ملعبهم، و جعل القرار لهم. و استطاع من خلال ذلك أن يقتنص فرصة جديدة يستدرك بها شيئا من القوة لمواجهة موسى..

و هذا هو ما أو ضحته الآيات التالية: (قال: فأت به ان كنت من الصادقين. فألقى عصاه فاذا هى ثعبان مبى. و نزع يده فاذا هى بيضاء للناظرين. قال للملأ حوله: ان هذا لساحر عليم، يريد أن يخركمم من أرضكم بسحره، فماذا تأتمرون. قالوا: أرجه و أخاه و ابعث فى المدائن حاشرين) سورة الشعراء: 28 و 36 و راجع سورة طه: 47/ 57.

فكل ذلك يشير الى فرعون لم يكن رجلا عاديا، بل كان على درجة عالية من الذكاء و المكر و الدهاء، و انه فى حين كان قد استخدم كل قدراته من مال وجاه و جيوش، و قممع و قهر، فى سبيل الوصول الى مبتغاه، فانه أيضا قد استخدم ذكاءه و أساليبه المماكرة فى سبيل ذلك، حتى (استخف قومه فأطاعوه) سورة الزخرف: 54.

و لننظر بدقة الى بقوله تعالى (و قال فرعون: ذرونى أقتل موسى وليدع ربه، انى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الارض الفساد) سورة غافر: 26.

و لنتأمل فى موقف فرعون من السحرة، و طريقة مواجهته للصدمة التى نتجت عن ايمانهم بما جاء به موسى، فانه هو الآخر، دليل آخر يضاف الى ما تقدم على حنكته و ذكائه، و طبيعة أساليبه الماكرة و الفاجرة. و لسنا هنا بصدد التوسع فى هذا الموضوع، و لم نرد الا التنويه و الاشارة لندلل من خلال ذلك على عظمة الانجاز، و قيمة النصر الذى حققه نبى الله موسى (ع) على هذه الطاغية المستكبر و الماكر.

/ 362