مأساة الزهراء، شبهات... و ردود جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
و كان النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) نفسه يوجه حتى باصحاب الحاجات المادية الى بيت فاطمة (عليهاالسلام)، كما فى قضية الاعرابى الذى أعطته عقدها، و فراشا للحسين كما أسلفنا.
و كان الناس يترددون عليها لطلب المعرفة أيضا، و كل ذلك من شأنه ان يملأ حياتها عليهاالسلام بالحركة و النشاط، الذى يضاف الى نشاطاتها البيتية، حيث كانت تطحن حتى مجلت يداها...
ثالثا: انه لا يمكن تقييم انسان ما على اساس انجازاته و نشاطاته الاجتماعية، أو ذكائه السياسى، فهناك أذكياء سياسيون كثيرون، ولكنهم لا يتمتعون بالقيمة الحقيقة للانسان، لأن النشاط الاجتماعى و الذكاء لا يعطى الموقف السياسى أو غيره قيمة، و انما تتقوم السياسة بمنطلقاتها و مبادئها، و هى انما تؤخذ من المعصوم: كالنبى و الوصى، و من الزهراء ايضا. فهى عليهاالسلام تحدد لنا ما به تكون القيمة للسياسة، أو لأى عمل آخر، اجتماعيا كان أو غيره، و لا تكتسب الزهراء قيمتها من سياساتها، أو من نشاطاتها الاجتماعية، و الا لكان بعض المجرمين او المنحرفين أعظم قيمة حتى من الأنبياء، و الاولياء، و الاصفياء، اذا قام بنشاط اجتماعى أو سياسى كبير، بسبب توفر المال، أو الجاه، أو السلطة له، مع عدم توفر ذلك للنبى أو الولى عليهم السلام.
و الحقيقة: أن قيمة الانسان انما تنبع من داخل ذاته، و من قيمه التى يجسدها، و من مثله و انسانيته، و من علمه النافع المنتج للتقوى و الخشية من الله سبحانه، و ما سوى ذلك فهو فى سياق الاسباب و النتائج، و قد يكون فى الطرف الآخر من المعادلة.
رابعا: اننا لا بد أن نتحقق أولا من حقيقة موقع الزهراء عليها
السلام فيما يرتبط بايمان الانسان المسلم، و نتحقق أيضا من حقيقة المهام التى يفترض فيها ان تضطلع بها فى تأييد هذا الدين و تشييده؛ فنقول:
ان ولاء الانسان المسلم للنبى و الائمة و الزهراء (ع) له دور أساسى و مفصلى فى بلورة ايمانه، و تحقيق هويته و شخصيته الرسالية و الانسانية، فوجود الزهراء- المرأة- التى ليست هى بامام و لا نبى، بصفتها المرأة الكاملة فى انسانيتها هو الذى نحتاجه كضرورة حياتية، و اعتقادية، و سلوكية، و حتى منهجية فى حياتنا، أما نشاطها الاجتماعى أو السياسى، فليس له هذه الدرجة من الاهمية أو الحساسية مع وجود ابيها و زوجها.
اننا نحتاج الى هذا الوجود لنرتبط به، و تحنو عليه قلوبنا، و هو يجسد لنا القيم و المثل، و الكمال الانسانى الذى نحتاج اليه هو الآخر، لتحتضنه قلوبنا من خلال احتضانها للزهراء (ع)، وليسهم- من ثم- فى بناء عقيدتنا، و تركيز المفاهيم الاسلامية و القيم و القيم و المثل فى قلوبنا و عقولنا، لتنتج و لتصوغ عواطفنا و أحاسيسنا و كل وجودنا، هذا هو دور فاطمة عليهاالسلام، و ليس دورها و دورهم هو بناء المؤسسات، أو انشاء الجمعيات الخيرية أو الانسانية، أو ما الى ذلك!!.
خامسا: انه لا شك فى أن للزهراء عليهاالسلام الدور الكبير و الحساس فى بقاء هذا الدين و نقائه، و لولاها لطمست معالمه و عفيت آثاره، فالزهراء هى نافذة النور، و هى برهان الحق، و هى- كما هو زوجها على أميرالمؤمنين (ع)- مرآة الاسلام التى تعكس تعاليمه، و أحكامه، و مفاهيمه، و نظرته للكون و للحياة. فهى مع الحق يدور معها كيفما دارت و تدور معه كيفما دار.
انها المعيار و الميزان الذى يوزن به ايمان الناس، و درجة استقامتهم على طريق الهدى و الخير و الخلوص و الاخلاص. و نعرف به رضا الله و رسوله، و غضب الله و رسوله (ص). و هذا ما يشير اليه قول النبى الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم: هى بضعة منى و هى قلبى الذى بين جنبى، من آذاها فقد آذانى و من فقد آذى الله، أو يرضينى ما أرضاها و يسخطنى ما أسخطها، او نحو ذلك.
و الملاحظ: انه (ص) قد جعل المرتكز لمقولة يرضينى ما يرضيها أو من آذاها فقد آذانى هو كونها بضعة منه (ص)