مجموع فی شرح المهذب جلد 16
لطفا منتظر باشید ...
و سئل ابن عباس رضى الله عنه عن رجل زنى بإمرأة و أراد ان يتزوجها فقال يجوز ، أ رأيت لو سرق رجل من كرم رجل ثم ابتاعه أ كان يجوز ؟ ( فرع ) فإن زنى بإمرأة فأتته بإبنة يمكن ان تكون منه بأن تأتي بها لستة أشهر من وقت الزنا فلا خلاف بين أهل العلم انه لا يثبت نسبها من الزاني و لا يتوارثان ، و أما نكاحه لها فقد قال الشافعي رضى الله عنه أكره له ان يتزوجها فإن تزوجها لم أفسخ ، و اختلف اصحابنا في العلة التي لاجلها كره الزاني ان يتزوج بها ، فمنهم من قال انما كره ذلك ليخرج من الخلاف ، فإن من الناس من قال لا يجوز له نكاحها فهلى هذا لو تحقق انها من مائه بأن أخبره النبي صلى الله عليه و سلم في زمانه انها من مائه لم يحرم عليه نكاحها ، لان علة الكراهة حصول الاختلاف لا .
و منهم من قال إنما كره له ذلك بإمكان ان يكون من مائه لانه لم يتحقق ذلك ، فلو تحقق انها من مائه بأن أخبره النبي صلى الله عليه و سلم في زمانه انها من مائه لم يجز له تزويجها ، هذا مذهبنا و به قال مالك .
و قال أبو حنيفة و أحمد لا يجوز له تزويجها ، و اختلف اصحاب ابى حنيفة في علة تحريمها ، فقال المتقدمون من أصحابه إنما حرم نكاحها لكونها ابنة من زنى بها لا انها ابنته من الزنا ، و انما الزنا عنده ثبت به تحريم المصاهرة على ما مضى .
فعلى هذا لا تحرم على آبائه و لا أبنائه .
و قال المتأخرون من اصحابه انما حرم نكاحها لكونها مخلوقة من مائه ، فعلى هذا تحرم على آبائه و أبنائه ، و هذا اصح عندهم ، دليلنا أنها منفية عنه قطعا بدليل انه لا يثبت بينهما التوارث و لا حكم في أحكام الولادة ، فلم يحرم عليه نكاحها كالأَجنبية و ان أكره رجل إمرأة على الزنا فأتت منه بإبنة فحكمه حكم ما لو طاوعته على الزنا لانه زنا في حقه .
( فرع ) و ان اتت إمرأة بإبنة فنفاها باللعان فان كان قد دخل بالزوجة لم يجز له التزوج بإبنتها لانها بنت إمرأة دخل بها ، و ان لم يدخل بالام فهل يجوز له نكاح الابنه ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) يجوز له تزويجها لانها منفية عنه فهي كالابنة من الزنا .