جامع المقاصد فی شرح القواعد جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
الفوري . قلنا : لا نسلم لزوم تكليف ما لا يطاق ، اذ لا يمتنع أن يقول الشارع : اوجبت عليك كلا من الامرين ، لكن أحدهما مضيق ، و الآخر موسع ، فان قدمت المضيق فقد امتثلت [ و سلمت من الاثم ، و إن قدمت الموسع فقد امتثلت ] ( 1 ) و اثمت بالمخالفة في التقديم . و الحاصل : أن الامر يرجع إلى وجوب التقديم ، و كونه شرط في الصحة ، و الامتثال مع انتقاضه بتضيق الوقت ، فانه إن بقي الوجوب لزم ما سبق ، و إن خرج لزم خروج الواجب عن صفة الوجوب ، مع أنه لا دليل على الترجيح ، إذ هما واجبان مضيقان قد تعارضا . فلا بد من خروج أحدهما عن صفة الوجوب ، لئلا يلزم المحذور ، و الدلائل تدل على خلافه ، و مع تسليمه فلا دليل يقتضي خروج واحد بعينه من الصلاة في آخر الوقت و قضاء الحق المضيق ، فالحكم بصحة الصلوة في آخر الوقت أيضا باطل : لانه يستلزم الترجيح بلا مرجح ، و لانتقاضه بمناسك يوم النحر ، فان الترتيب فيها واجب ، و لو خالف اجزأت عن الواجب في الذمة . و إنما تجزي ان لو كانت واجبة مع عدم الترتيب ، لامتناع اجزاء الواجب عن الواجب ، و إنما يعقل الوجوب على التقديرين ، و التأثيم على تقدير واحد بخصوصه بناء على ما قدمناه . فلو كان وجوب شيء يقتضي إيجاب ما يتوقف عليه و إن كان مقابله واجبا ، لا متنع الاجزاء هنا و في كل موضع اشبهه ، و هذا من غوامض التحقيقات ، و هذا أصل تبتني عليه كثير من المسائل ، فيجب التنبيه له . و لا شك أن الحكم بعدم الصحة احوط ، و ازجر للنفوس عن التهاون في اداء الحقوق الفورية ، و إن كان الفقة هو القول بالصحة .