وهذا إغراء لليهودي بالجهل! حيث ادّعى أنّ الله اصطفى موسى على البشر، فلا يمكن أن يصدر من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)! روى ذلك مسلم في باب فضائل موسى، والبخاري في أوّل أبواب الخصومات بعد كتاب المساقاة، وفي تفسير سورة الأعراف، وفي كتاب بدء الخلق(1). وأمّا قوله: " وقد ذكر في هذا الحديث فضائل الأنبياء ".. فـفيه: إنّا لا نعرف فضيلة ذُكرت فيه لإبراهيم ولوط.. أمّا لإبراهيم ; فلأنّه لم يشتمل بالنسبة إليه إلاّ على إثبات الشكّ له في الحشر، ولا أقلّ من دلالته على أنّه ضعيف اليقين، وذلك مباين للنبوّة، ومناف لقوله تعالى: ( ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل )(2).. وقوله تعالى: ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين )(3). والحقّ أنّ إبراهيم (عليه السلام) لم يطلب الاطمئنان بالحشر، بل بغيره(4)، أو
(1) صحيـح مسلم 7 / 101، صحيـح البخاري 3 / 243 ح 2 و 3 و ج 4 / 307 ح 208 و ج 6 / 114 ـ 115 ح 160. (2) سورة الأنبياء 21: 51. (3) سورة الأنعام 6: 75. (4) ذُكر في ذلك عـدّة وجوه، نذكر منها أنسـبها بمقام خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام)ونبوّتـه: 1 ـ سُكون القلب إلى المشاهدة والمعاينة، ليصير علم اليقين عين اليقين، كما يحبّ المؤمن أن يرى الجنّـة وهو مؤمن بها من قبل، وذلك من دون تطرّق الشكّ أو الوساوس والخطرات أساساً كما ورد عن بعض المفسّرين، فهذا ينافي العصمـة.. 2 ـ الاطمئنان من القتل وخوف انقطاع التبليغ بسبب ذلك بعد أن هدّده نمرود بذلك في المحاججة التي جرت بينهما في الإحياء والإماتة. انظر مثلا: تفسير الثعلبي 2 / 251 ـ 252، تنزيه الأنبياء ـ للمرتضى ـ: 51، مجمع البيان 2 / 177 ـ 178 الوجهين الأوّل والثالث، تفسير الفخر الرازي 7 / 42 الوجهين الثاني والرابع، عصمة الأنبياء ـ للفخر الرازي ـ: 54 الوجه السادس.