وأقـول:
لا يخفى أنّ رئاسة الإمام رئاسة دينية، وزعامة إلهـيّـة، ونيابة عن الرسول في أداء وظائفه، فلا تكون الغاية منها مجرّد حفـظ الحوزة وتحصيل الأمن في الرعية، وإلاّ لجاز أن يكون الإمام كافراً، أو منافقاً، أو أفسق الفاسقين إذا حصلت به هذه الغاية.
بل لا بُـدّ أن تكون الغاية منها تحصيل ما به سعادة الدارين كالغاية من رسالة الرسول، وهي لا تتمّ إلاّ أن يكون الإمام كالنبيّ معصوماً، وأحرص الناس على الهداية، وأقربهم للاتّباع والانتفاع به في أُمور الشريعة والآخرة، وأحفظهم للحوزة وحقوق الرعية وسياستها على النهج الشرعي.
فلا بُـدّ أن يكون فاضلا في صفات الكمال كلّها، من الفهم، والرأي، والعلم، والحزم، والكرم، والشجاعة، وحسن الخلق، والعفّـة، والزهد، والعدل، والتقوى، والسياسة الشرعية، ونحوها ; ليكون أقرب للاتّباع، وتسليم النفوس له، والاقتفاء لآثاره، فيحصل لهم ـ مع حفظ الحوزة ـ السعادة بكمال الإيمان وشرف الفضائل، وخير الدارين، وهي الغاية من رسالة الرسـول.
فاتّضح أنّه يجب أن يكون الإمام أفضل من الرعية في جميع المحامد كـما هـو مـراد المصنّـف (رحمه الله) ولعلّـه مراد الفضل بالوجـه الأوّل، وحينـئذ فلا يصحّ ردّه على المصنّف بقوله: " لأنّ صريح العقل يحكم بأنّ مدار الإمامة على حفظ الحوزة... " إلى آخره.