وأقـول:
إعلم أنّ ما ذكره في نقل الإجماع والأقوال إنّما هو من كلام " المواقف " وشرحها(1)، وقد ذكره بلفظه، سوى إنّه حذف بعض ما يضرّه كما سـننـبّه عليه إن شاء الله تعالى.
فبحثنا حقيقة مع صاحب " المواقف " وشارحها، فنقول: يرِد عليهما أُمـور:
[الأمر] الأوّل: إنّ ما زعماه من إجماع أهل الملل على عصمة الأنبياء عن تعمد الكذّب في ما دلّ المعجز القاطع على صدقهم فيه، كدعوى الرسالة... إلى آخره، خطأ ظاهر ; لجهات:
[الجهـة] الأُولى: إنّ الإجماع المذكور ممنوع لِما حكاه ابن حزم عن بعض الكـرّامية: إنّهم يجوّزون على الأنبياء الكذب في التبليغ(2) كما ستعرفه في كلامه الآتي إن شاء الله تعالى.
الجهة الثانية: إنّ ما ذكراه من الكذب في دعوى الرسالة، إنْ أرادا به الكذب في دعواها حين الرسالة، فهو غير معقول ; لأنّه بعد فرض الرسالة لا يتصوّر الكذب فيها حتّى يعصم عنه.
وإنْ أرادا به الكذب في دعوى الرسالة قبل الرسالة، فغير صحيح ; لأنّ المعجزة اللاحقة لا تدلّ على عصمتهم عنه حينئذ، إذ لا يلزم من وقوع الكذب ـ في ذلك منهم قبل الرسالة ـ إبطال دلالة المعجزة على ثبوت
(1) انظر: المواقف: 358، شرح المواقف 8 / 263.
(2) الفصل في الملل والأهواء والنحل 2 / 284.