وقال الفضـل(1):
إنّ أهل الملل والشرائع بأجمعهم أجمعوا على وجوب عصمة الأنبياء عن تعمّد الكذب في ما دلّ المعجز القاطع على صدقهم فيه، كدعوى الرسالة في ما يبلّغونه عن الله تعالى إلى الخلائق، إذ لو جاز عليهم التقوّل والافتراء في ذلك عقلا لأدّى إلى إبطال دلالة المعجزة، وهو محال.
وفي جواز صدور الكذب عنهم في ما ذكر على سبيل السهو والنسيان خلاف، فمنعه الأُستاذ أبو إسحاق(2) وكثير من الأئمّة الأعلام، لدلالة المعجزة على صدقهم في الأحكام، فلو جاز الخُلف في ذلك لكان نقـضاً ; لدلالة المعجزة، وهو ممتنع.
وأمّا سائر الذنوب فهي إمّا كفر أو غيره..
أمّا الكفر فأجمعـت الأُمّـة على عصمـتهم منه قبل النبـوّة وبعدهـا، ولا خلاف لأحد منهم في ذلك.
وجوّز الشيعة للأنبياء إظهار الكفر تقيّة عند خوف الهلاك، وذلك باطل قطعاً ; لأنّه يفضي إلى إخفاء الدعوة بالكلّية وترك تبليغ الرسالة، إذ أَوْلى الأوقات بالتقـيّـة وقت الدعوة ; للضعف وكثرة المخالفين(3).
أُنظر إلى هؤلاء المتصلّفين يجوّزون إظهار الكفر على الأنبياء للتقيّة،
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 199.
(2) هو: إبراهيم بن محمّـد الإسفراييني، المتوفّى سنة 418 هـ، وقد مرّت ترجمته في ج 2 / 59.
(3) انظر: شرح المواقف 8 / 264.