وقال الفضـل(1):
هذا الكلام المموّه الخارج عن طريق المعقول قد ذكره قبل هذا بعينه في مسألة خلق الأعمال(2)، وقد أجبناه هناك(3)، ولمّا أعاده في هذا المقام لزمنا مؤنة الإعادة في الجواب، فنقول:
أمّا المقدّمة الأُولى من المقدّمتين اللتين ادّعى توقّف ثبوت النبوّة عليهما، وهي: " إنّ النبيّ ادّعى الرسالة، وأظهر المعجزة على وفق دعواه لغرض التصديق له "..
فقد بيّـنّا قبل هذا أنّ غاية إظهار المعجزة والحكمة والمصلحة فيه: تصديق الله تعالى النبيّ في ما ادّعاه.
وهذا يتوقّف على كونِ إظهارِ اللهِ (المعجزةَ مشتملا)(4) على الحكمة والمصلحة والغاية(5)، لا على إثبات الغرض والعلّة الغائية الموجبة للنقص والاحتياج، فـثـبـتَ المقدّمة الأُولى على رأي الأشاعرة وبطل ما أورده عليهم.
وأمّا المقدّمة الثانية، وهي: " إنّ كلّ مَن صدّقه الله تعالى فهو
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 191.
(2) راجع ج 3 / 44.
(3) تقدّم في ج 3 / 47.
(4) كان في الأصل: " معجزةً مشتملٌ "، وهو غلط نحوي، والصواب ما أثبتـناه في المتن من إحقاق الحقّ.
(5) بناءً على ما ذهب إليه الأشاعرة من أنّ أفعال الله تعالى غير معلَّـلة بالأغراض والمقاصد.