وأقـول:
بيّـنّا في ما سبق امتناع وقوع السهو من النبيّ في العبادة، وبطلان التشريع بالأفعال الموجبة لنقصه كما في المقام(1)، فإنّ سهوه عن الغُسل حتّى يشارف على الدخول في الصلاة أو يدخل فيها نقص ظاهر، إذ هو خلاف المحافظة على العبادة والسبق إلى الخير، ومناف لِما حثّ به على كثرة تلاوة القرآن التي تُـكـرَه من الجُنب، بل تحرّم إذا كان من العزائم(2).
على أنّه معرّض لنزول الملائكة عليه، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه جُنب كما استفاض في أخبارهم(3)، فكيف يؤخّر غُسله هذا التأخير حتّى ينسـى؟!
وأيضاً: قد تضافرت الأخبار ـ كما سبق ـ بأنّه تنام عيناه ولا ينام قلبه(4)، فكيف ينام عن عبادة ربّه وهو يقظان؟!
ولا يمكن أن يسهيه الله طلباً للتشريع ; فإنّ نبيّه أشرف عنده من أنْ يجعله عرضة للنقص ومحلاًّ للانتقاد بأمر عنه مندوحة، وهي التشريع بالقـول.
(1) تقدّم في الصفحة 53 وما بعدها من هذا الجزء.
(2) انظر: مسند البزّار 2 / 284 ح 706، مجمع الزوائد 1 / 276 و ج 2 / 85، كنز العمّال 1 / 621 ح 2873.
(3) سنن أبي داود 1 / 57 ح 227، سنن النسائي 1 / 141، سنن الدارمي 2 / 196 ح 2659، مسند أحمد 1 / 83 و 107 و 139 و 150، المسـتدرك على الصحيحين 1 / 278 ح 611، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 1 / 201.
(4) راجع الصفحة 54 هـ 4 من هذا الجزء.