وقال الفضـل(1):
قد مرّ في ما سبق جواز السهو والنسيان على الأنبياء ; لأنّهم بشر، سيّما إذا كان السهو موجباً للتشريع(2)، فإنّ التشريع في الأعمال الفعلية آكد وأثبت من الأقوال، فما ذكر من حديث تذكّر الجنابة فمن باب النسيان، وفيه تشريع العمل بعد النسيان إذا تذكّر.
ولهذا ترجم البخاري الباب الذي ذكر فيه هذا الحديث بقوله: " باب من تذكّر أنّه جنب رجع فاغتسل "(3)، ولا يلزم من هذا نقص.
وما ذكر من سهو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصلاة، فهو سهو يتضمّن التشريع ; لأنّه شرّع بذلك النسيان جوازَ وقوعِ الفعل المتعلّق بالصلاة في أثناء الصلاة، وكذا الكلام القليل.
والعجب أنّه قال: " كيف يجوز أن يحفظ أبو بكر وعمر ما نسي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! "..
وأيّ عجـب في هـذا؟! فـإنّ الإمـام كـثيراً مـا يسـهو، والمأمومـون لا يسهون، فلا يلزم من هذا تفضيل المأموم على الإمام، وهل هذه الكلمات إلاّ ترّهات ومزخرفات؟!
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 2 / 259.
(2) تقـدّم في الصفحتين 21 و 51 من هذا الجزء.
(3) صحيح البخاري 1 / 128 ح 27.