وأقـول:
لا يخفى أنّ أصل الشيء أساسه وما يبتنى عليه، فأُصول الدين هي التي يبتنى عليها الدين، وبالضرورة أنّ الشهادتين كذلك، إذ لا يكون الشخص مسلماً إلاّ بهما، وكذلك الاعتراف بالإمام ; للكتاب والسُـنّة..
أمّا الكتاب، فقوله تعالى: ( أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم )(1)..
فإنّ الاستفهام فيه ليس على حقيقته ; لاستلزامه الجهل، فلا بُـدّ أن يراد به الإنكار أو التوبيخ، وكلٌّ منهما لا يكون إلاّ على أمر محقَّـق بالضرورة، فيكون انقلابهم بعد موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) محقَّـقاً، ولذا قال: ( انـقلبتم ) بصيغة الماضي تنبـيـهاً على تحقّـقه.
ومن المعلوم أنّ الصحابة بعد موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعدلوا عن الشـهادتين، فيتعيّن أن يراد به أمر آخر، وما هو إلاّ إنكار إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، إذ لم يصدر منهم ما يكون وجهاً لانقلابهم عموماً غيره بالإجماع.
فإذا كان إنكار إمامته (عليه السلام) انقلاباً عن الدين، كانت الإمامة أصلا من أُصوله..
ولا ينافيه أنّ الآية نزلت يوم أُحد، حيث أراد بعض المسلمين الارتداد، فإنّ سـببية نزولها في ذلك لا تمنع صراحتها في وقوع الانقلاب
(1) سورة آل عمران 3: 144.