وقال الفضـل(1):
استدلال المعتزلة على وقوع الكبائر من الأنبياء قبل البعثة بقصّة إخوة يوسف استدلال قويّ ; لأنّ الإجماع واقع على أنّ إخوة يوسف صاروا أنبياء بعد إلقاء يوسف في الجبّ، وغيره من الذنوب التي لا شكّ أنّها كبائر.
وهذا الرجل ما تعرّض بجوابه إلاّ بالفحش والخُزَعْبِلـية(2)واللَّـوْذَعِـية(3) كالرعاع والأجلاف السوقية، والمعتزلة يثبتون الوقوع(4)، وهو لا يقدر على الدفع ويبحث معهم في الجواز، وهذا من غرائب أطواره في البحث.
ثمّ ما ذكر أنّ البحث مع الأشاعرة ساقط لأنّهم يجوّزون تعذيب الكفّار(5) وغيره من الطامّات.. قد عرفت في ما سبق جواب كلّ ما ذكر، وأنّ الحسن والقبح شرعيّان بمعنىً، وعقلـيّان بمعنيَين(6)..
وعلمت أنّ كلّ ما ذكره ليس من مذهبهم ولا يرد عليهم شيء، وأنّهم لا يخالفون ضرورة العقل.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 2 / 282.
(2) الـخُـزَعْبِـلُ: الباطل، والـخَـزَعْـبَـلُ: الأحاديث المسـتطـرَفة التي يُضحَك منها ; انظر مادّة " خزعبل " في: لسان العرب 4 / 83، تاج العروس 14 / 198.
(3) الـلَّـوْذَعِـي: الحديدُ الفؤاد والنفس واللسان، اللسِن الفصيح، الظريف الذهن، الذكيّ، كأنّه يلذع من ذكائه ; انظر مادّة " لذع " في: لسان العرب 12 / 268 ـ 269، تاج العروس 11 / 432.
(4) أثبته الجبّائي ومنعه القاضي عبـد الجبّار ; انظر: شرح الأُصول الخمسة: 573.
(5) كذا في الأصل، وفي " إحقاق الحقّ ": " المكلّف "، وهو المناسـب.
(6) انظر ج 2 / 330 و 411 من هذا الكتاب.