اللهو في العيد من أوّل مرّة؟! وأمّا جوابه عن رواية الغزّالي بأنّه يمكن حملها على جواز اللعب مطلقاً.. ففيه: إنّه لا يصحّ معارضة السُـنّة للكتاب المجيد بنحو المباينة(1)، فكيف يحلّل اللهو بها مطلقاً وقد حرّمه الكتاب كذلك؟! وأمّا دعوى السماع لضرورة التشريع، فقد عرفت ما فيها من منع الضـرورة ; لعـدم انحصار طريـق التشـريع بالسـماع(2)، وكـيف يسـمعه النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والأَوْلى ترك السماع بإقرار الخصم؟! أيحـتمل أن يمتـنع عمر منـه ويمكّـنه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مـن الامتـناع، ولا يمتنع عنه بنفسه الطاهرة وله عنه مندوحة بالتشريع القولي؟! ولو توقّف تشريع جواز المكروهات على فِعل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لها، للزم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنْ يأتي بكلّ مكروه، كما يلزم أنْ يأتي بكلّ محرّم أُبيح للضرورة، كشرب الخمر، فيضطرّه الله سبحانه إليه فيشربه تشريعاً له ; ولم يقل به مسلم! ولو سُلّم حاجة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماع للتشريع كفى سماعه أوّل مرّة، فما باله يقول: " عُدن " إذا خرج عمر؟! وما باله تكـرّرت منه الوقائع الكثيرة كما تفيده أخبارهم؟! ثـمّ إنّ تعبير النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن اللهو بـ " الباطل " دليل على أنّه حرام لا مكروه، فإنّ المكروه لا يسمّى باطلا، فيلزم أن يكون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عند
(1) وذلك لصدق المخالفة للكتاب إذا كان التعارض مسـتقرّاً ولم يكن هناك ما يصلح لأن يكون قرينة على التخصيص أو التقييد، فيجب طرحه. (2) راجع الصفحة 87 من هذا الجزء.