ودعوى أنّ التشريع بالأعمال الفعلية آكد لا نعرف وجهها، بل الأمر بالعكس ; لأنّ الفعل يحتمل خصوصية النبيّ بخلاف القول العامّ. ولو تنزّلنا عن هذا كلّه، فلا نتصوّر حاجة للتشريع في أمر الغُسل ; لأنّ الواجب المؤقّت الذي لم يفت وقته، أو غير المؤقّت، لا يحتاج إلى التشريع بعد النسيان، لكفاية الأمر الأوّل في لزوم الإتيان به. هـذا، ولا يخفى أنّ حديث الجنابة الذي ذكره المصنّف (رحمه الله) لم يصرّح بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر الجنابة بعد الدخول في الصلاة، ولكنّ حديث أحمد(1) عن أبي هريرة صرّح به، قال: " إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج إلى الصلاة، فلمّا كبّر انصرف، وأومأ إليهم ـ أي: كما أنتم ـ، ثمّ خرج فاغتسل، ثمّ جاء ورأسه يقطر فصلّى بهم، فلمّا صلّى قال: إنّي كنت جنباً فنسيت أن أغتـسل ". وكذا حديث أحمد عن عليّ (عليه السلام)(2)، قال: " صلّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يوماً، فانصرف ثمّ جاء ورأسه يقطر ماءً، فصلّى بنا، ثمّ قال: إنّي صلّيت بكم آنفاً وأنا جنب، فمن أصابه مثل الذي أصابني، أو وجد رِزّاً(3)في بطنه، فليصنع مثل ما صنعت ". ومثله في كنز العمّال، عن الطبراني(4). (1) مسند أحمد 2 / 448. منـه (قدس سره). (2) مسند أحمد 1 / 99. منـه (قدس سره). (3) الـرِّزُّ: غَمْزُ الحَدَث وحركته في البطن للخروج حتّى يحتاج صاحبه إلى دخول الخلاء، كان بقرقرة أو بغير قرقرة، وأصل الـرِّزِّ الوجع يجده المرء في بطنه. انظر: لسان العرب 5 / 202 مادّة " رزز ". (4) كنز العمّال 4 / 223 [8 / 171 ح 22426] . منـه (قدس سره). وانظر: المعجم الأوسط 6 / 349 ح 6390.