موافق في هذه المسألة، بل لرفع افترائه على الأشاعرة في تجويز الكبائر على الأنبياء:
الأوّل: لو صدر عنهم ذنب لحرم اتّباعهم في ما صدر عنهم، ضرورة أنّه يحرم ارتكاب الذنب، واتّباعهم واجب ; للإجماع، ولقوله تعالى: ( إنْ كـنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله )(1).
وهذا الدليل يوجب وجوب عصمتهم عن الصغائر والكبائر، ذكره الأشاعرة، وفيه موافقة للشـيعة.
فعُلم أنّ الأشاعرة يوافقون في وجوب عصمة الأنبياء من الصغائر والكبائر، لكن في الصغائر تجويز عقلي ; لدليل آخر، كما سيأتي في تحقيق العصمة.
الثاني: لو أذنبوا لرُدّت شهادتهم، إذ لا شهادة للفاسق بالإجماع، واللازم باطل بالإجماع ; لأنّ من لا تُقبل شهادته في القليل الزائل من متاع الدنيا كيف تُسمع شهادته في الدين القيّم إلى يوم القيامة؟!
وهذا الدليل يدلّ على وجوب عصمتهم عن الكبائر والإصرار على الصغائر ; لأنّها توجب الردّ، لا نفس صدور الصغيرة.
الثالث: إنْ صدر عنهم ذنب وجب زجرهم وتعنيفهم، لعموم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... وإيذاؤهم حرام إجماعاً(2).
وأيضاً: لو أذنبوا لدخلوا تحت قوله تعالى: ( ومن يعصِ الله ورسوله فإنّ له نار جهنّم )(3)..
(1) سورة آل عمران 3: 31.
(2) انظر: شرح المقاصد 5 / 49 ـ 51، شرح المواقف 8 / 265.