فإنْ كانت أُمّ سلمة صادقة في ما نسبته إلى عائشة بالنسبة إلى أمير المؤمنين والزهراء، فلِـمَ لم ينتصف من عائشة لأخيه وبضعته؟! وإنْ كانت كاذبة، فلِـمَ لم يطيّب قلبيهما بتكذيب أُمّ سلمة؟! فهل أغفله عشقه لعائشة عن ذلك كما أغفله عن العدل بين نسائه وطاعة الله تعالى، وعن فعل ما لا يليق بشرفه وشأنه؟! وليس هذا الخبر إلاّ من وضع القصّاصين المخنّثين.. فإنّا لله وإنّا إليه راجعـون. وروى البخاري في باب قبول الهدية، من كتاب الهبة، عن عائشة: " إنّ النـاس كانـوا يتحـرّون بهداياهم يوم عائشة يـبتـغون بذلك مرضـاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) "(1). ورواه مسلم عن عائشة، في باب فضلها(2). وهو أشبه بالخرافات، إذ كيف يجمل برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك الإنصاف بين أزواجه ـ تبعاً لهواه ـ حتّى أظهره للناس وعرّفه العامّة فطلبوا مرضاته في مراعاة جانب عائشة؟! فأشبه العشّاق الوالهين لا رسل الله ربّ العالمين!! فاللهُ حسـيب مَن ينسـب إليه هذه الأباطيـل الكاذبـة! وروى أحمد(3)، عن عائشة: " قالت: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلمّا كنّا بالحرّ انصرفنا وأنا على جمل، وكان آخر العهد منهم وأنا أسمع صوت
(1) صحيح البخاري 3 / 308 ح 9. (2) صحيح مسلم 7 / 135. (3) مسند أحمد 6 / 248. منه (قدس سره). وانظر: مجمع الزوائد 9 / 228، مسند عائشة: 268 ح 712.