واعلم أنّ الإمام إذا كان فاضلا في صفات الكمال، يلزم أن يكون أطوع لله وأكثر عملا بالبرّ والخير، فلا بُـدّ أن يكون أكثر ثواباً. فحينئذ لو أُريد بالأفضل الأكثر ثواباً من حيث لزومه للأفضل في صفات الكمال، كان متّجهاً. ولم يرد عليه ما ذكره الفضل، على أنّه غير مراد المصنّـف. كما لا يريد ما احتمله الفضل ثالثاً ; لِما عرفت من أنّ الصلوح للإمامة عنـد المصنّـف إنّـما يكـون بالعصمـة والفضل بسـائر الصفـات الحميـدة، لا بالأعلمية بحفظ الحوزة فقط. على أنّ قوله: " لا يجب التقديم إذا حصل حفظ الحوزة بالأدون ".. ظاهر البطلان ; لأنّ العقل يقبّح تقديم المفضول بالصلوح للإمامة على الأفضل فيه، فلا يصحّ حينئذ سبق العقد للمفضول حتّى يكون في تغييره مظـنّـة فتنة. لكنّ القوم أنكروا الحسن والقبح العقلـيَّين، وعليه: فما معنى اشتراطهم اجتهاد الإمام، وعدالته، إلى غيرهما من الشروط المتقدّمة سوى القُرشية التي قالوا بورود الشرع بها. وأمّا ما أجاب به عن الآيتين.. فخطأٌ ظاهر ; إذ لا يُراد بهما مجرّد نفي المساواة بين العالم والجاهل، أو بين الهادي وغيره، كما تخيّـله الفضل، فإنّ نفيَ المساواة بينها ضروري غيرُ محتاج إلى البيان، ولا يمكن أن يقول عاقل بالمساواة حتّى ينكر عليه، بل المراد هو الإنكار على عدم ترتيب أثر الفرق بينها وعدم اتّباع الأفضل كما هو صريح الآية الأُولى، إذ أنكرت على مَنْ لا يقول بأنّ الهادي أحقّ بالاتّباع ممّن لا يهتدي إلاّ أن يُـهـدى.