والأنصار لم يكونوا يُرجّحون أبا بكر على عليّ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر في آخـر عمره على المنبر، وقال: " إنّ الأنصار كرشي وعيبتي "(1)، وهم كانوا الجند الغالب والعسكر. وكان ينبغي أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى الأنصار بإمداد عليّ في أمر الخلافة، وأن يحاربوا من يُخالف نصّـه في خلافة عليّ. ثمّ إنّ فاطمـة ـ مع عُـلُوّ منصبها ـ زوجته، والحسن والحسـين ـ مع كونهما سبطَي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ولداه.. والعبّـاس ـ مع عُلوّ منصبه ـ معه، فإنّه رُوي أنّه قال لعليّ: أُمدُد يدك أُبايعك حتّى يقول الناس: بايع عمّ رسول الله ابن عمّه، فلا يختلف فيك اثنـان(2). والزبـير ـ مع شـجاعته ـ كـان معـه، قيـل: إنّـه سـلّ السـيف وقـال: لا أرضى بخلافة أبي بكر(3). وقال أبو سفيان: أرضيتم يا بني عبـد مناف أن يليَ عليكم تيميّ؟! والله لأملأنّ الوادي خيلا ورجلا(4)! وكرهت الأنصار خلافة أبي بكر، فقالوا: منّا أمير ومنكم أمير ; كما
(1) انظر: صحيح البخاري 5 / 115 ـ 116 ح 287 و 289، صحيح مسلم 7 / 174، سـنن الترمذي 5 / 672 ح 3907، مسـند أحمد 3 / 156 و 176، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 2 / 193. (2) الإمامة والسياسة 1 / 21، المغني ـ للقاضي عبـد الجبّار ـ 20 ق 1 / 121، الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ: 7. (3) تاريخ الطبري 2 / 234، المغني ـ للقاضي عبـد الجبّار ـ 20 ق 2 / 268. (4) تاريخ اليعقوبي 2 / 10، تاريخ الطبري 2 / 237، المغني ـ للقاضي عبـد الجبّار ـ 20 ق 1 / 121، المسـتدرك على الصحيحيـن 3 / 83 ح 4462، شرح نهـج البلاغـة ـ لابن أبي الحديد ـ 2 / 45، الكامل في التاريخ 2 / 189.