ذكرنـا(1). ولو كان على إمامة عليّ نصٌّ جليّ، لأظهروه قطعاً، ولأمكنهم المنازعة جزماً. كيـف لا؟! وأبو بكر شـيـخٌ ضعيـفٌ جبان، لا مـالَ له ولا رجـال ولا شوكة، فأنّى يتصوّر امتناع المنازعة معه؟! وكلّ هذه الأُمور تدلّ على أنّ الإجماع وقع على خلافة أبي بكر، ولم يكن نصٌّ على خلافة غيره. وبايعه عليٌّ حيث رآه أهلا للخلافة، عاقلا، صبوراً، مُدارياً، شيخاً للإسـلام. ولم يكن غرضٌ بين الصحابة لأجل السلطنة والزعامة، بل غرضهم كان إقامة الحقّ وتقويم الشريعة ليدخل الناس كافّـةً في دين الإسلام. وقد كان هذا يحصل من خلافة أبي بكر، فسلّموا إليه الأمر، وكانوا أعواناً له في إقامة الحـقّ. هذا هو المذهب الصحيح، والحقّ الصريح، الذي عليه السواد الأعظم من الأُمّة، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " عليكم بالسواد الأعظـم "(2). (1) تقـدّم قريباً في الصفحة 264. وانظر: تاريخ اليعقوبي 2 / 7، تاريخ الطبري 2 / 242 حوادث سنة 11 هـ، الكامل في التاريخ 2 / 189 حوادث سنة 11 هـ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 6 / 39، البداية والنهاية 5 / 187 حوادث سنة 11 هـ. (2) مسند أحمد 4 / 383، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: 39 ح 80، تفسير القرطبي 14 / 39.