ونحوه في (شرح النهج)(1). وأمّا قوله: " وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليكم بالسواد الأعظم ".. فلا يُعرف معناه حتّى يُعرف المقام الذي ورد فيه، فإنّه قد يردُ في مقام محاربة الجمع الكثير، فيفيد الأمر بقتالهم، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام)في بعض أيّام صفّين: " عليكم بهذا السواد الأعظم [والرواق المطنَّب] فاضربوا ثَـبَـجَـه(2) "(3). وقد يرد في مقام ترجيح الاجتماع والسكنى في البلاد الكبيرة لاسـتحبابه شرعاً ; لأنّها أجمع للمعارف ما لم تكن بلاد كفر. ولو سُلّم أنّ المراد به الأمر باتّباع السواد الأعظم في الدين، فليس المراد فيه بالسواد: الجمهور، فإنّ أكثر الناس غير مؤمنين، بل المراد به جماعة المؤمنين الخلّص وإنْ قلّوا، فإنّهم السواد الأعظم، أي محلُّ النظر والالتفات والعنايـة. قال الزمخشري والرازي في تفسير قوله تعالى: ( وتعيها أُذُن واعيـة )(4): " فإن قيـل: لِـمَ قال: ( أُذنٌ واعية ) على التوحيد والتنكيـر؟! قلنا: للإيذان بأنّ الوعاة فيهم قلّـةٌ، وتوبيخ الناس بقلّة من يعي منهم، والدلالة على أنّ الأُذن الواعية(5) إذا وعت فهي السواد الأعظم، وأنّ
(1) ص 18 من المجلّد الثاني [12 / 53 ـ 54] . منه (قدس سره). (2) ثَبَجُ كلّ شيء: معظمه ووسطه وأعلاه ; انظر: لسان العرب 2 / 80 مادّة " ثبج ". (3) انظر: نهج البلاغة: 97 الخطبة 66، تاريخ دمشق 42 / 460، كنز العمّال 11 / 347 ح 31705. (4) سورة الحاقّـة 69: 12. (5) في المصدرين: الواحـدة.