ولينصـف المنصِـفُ من نفسـه، لو كـان يـوم غـدير خُمّ صرّح رسـولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بخلافة عليّ نصّـاً جليّـاً لا يحتمل خلاف المقصود، ألا ترى العرب مع جلافتهم وكفرهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجعلهم الأنبياء فيهم مثل مُسيلمة الكذّاب(1)، وسَجاحِ(2)، وطُليحة(3)، كانوا يسكتون على خلافة أبي بكر، وكانوا لا يتكلّمون بنباس(4) في أمر خلافة عليّ، مع أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نصَّ على المنبر بمحضر جميع قبائل العرب؟! إنْ أنصف المتأمّـلُ العاقلُ، عَلِم أن لا نصّ هناك! (1) هو: مُسيلمة بن حبيب من بني تميم، متنبّئ، وقد وضع عن قومه الصلاة، وأحلّ لهم الخمر والزنا، وجعل يسجع لهم السجعات مضاهاةً للقرآن، كان من المعمّرين، وُلد باليمامة قبل ولادة والد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، تلقّب بالجاهلية بالرحمن، وعرف برحمن اليمامة، قالوا في وصفه: كان رُوَيْجِلا، أُصيغر، أُخينس، كان اسمه مَسْلَمة، وسمّاه المسلمون مُسيلمة تصغيراً له، قُتل في غزوة اليمامة عام 12 هـ وكان عمره آنذاك 150 سنة. انظر: تاريخ الطبري 2 / 199 ـ 200، تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ: 89، شذرات الذهب 1 / 23. (2) تقـدّمت ترجمتها في ج 1 / 142 هـ 1 من هذا الكتاب. (3) هو: طُليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر الأسدي، كان ممّن شهد الخندق مع الأحزاب، وأسلم سنة 9 هـ، ثمّ ارتدّ وادّعى النبوّة في عهد أبي بكر، ثمّ كانت له وقائع كثيرة مع المسلمين، ثمّ خذله الله وهرب حتّى لحق بأعمال دمشق، ونزل على آل جَفْنّة، ثمّ أسلم وقدم مكّة معتمراً، ثمّ خرج إلى الشام مجاهداً، وشهد اليرموك، وشهد بعض حروب الفرس، وقُتل بنهاوند سنة 21 هـ. انظر: الاستيعاب 2 / 773 رقم 773، أُسد الغابة 2 / 477 رقم 2639، تاريخ دمشق 25 / 149 ـ 172 رقم 2992. (4) الـنَّـبْـسُ: هو أقلّ الكلام، وما نَبَسَ: أي ما تحرّكت شفتاه بشيء، وما نَبَـسَ بكلمة: أي ما تكلّم ; انظر: لسان العرب 14 / 20 مادّة " نبس ".