ومن الواضـح أنّه لا يخشـاهم من تبليـغ شـيء جـاء به إلاّ نصـب عليّ (عليه السلام) إماماً، عداوةً وحسداً له. وقد ورد عندنا أنّ جبرئيل (عليه السلام) نزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجّة الوداع بأن ينصب عليّـاً خليفةً له، فضاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) به ذرعاً مخافة تكذيب أهل الإفك، وقال لجبرئيل: إنّ قومي لم يقرّوا لي بالنبوّة إلاّ بعد أن جاهدت، فكيف يقرّون لعليّ بالإمامة في كلمة واحدة؟! وعـزم على نصبه بالمدينة. فلمّا وصل إلى غدير خُمّ نزل عليه قوله تعالى: ( يا أيُّها الرسولُ بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإنْ لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس... )(1) الآيـة(2). ولمّا سار بعد نصبه ووصل العَقَبة دحرجوا له الدِّبابَ(3) لينفّروا ناقته ويقتلوه فينقضوا فِعله، فعصمه الله سبحانه منهم(4). ثمّ أراد أن يؤكّد عليه النصّ في كتاب لا يضلّون بعده، فنسبوه إلى الهجر!(5) ; وأراد تسـييرهم بجيش أُسامة، فعصوه!(6). (1) سورة المائدة 5: 67. (2) انظر: أُصول الكافي 1 / 320 ـ 322 ح 755 و 757، الاحتجاج 1 / 137 ـ 138. (3) الـدَّبَّـة: ظرف يُجعل فيه الزيت والبِزْر والدُّهن، والجمع: دِبابٌ ; انظر مادّة " دبب " في: لسان العرب 4 / 278، تاج العروس 1 / 479. (4) انظر: مسند أحمد 5 / 453، الكشّاف 2 / 203، الخصال 2 / 499 ح 6، الاحتجاج 1 / 127 ـ 132. (5) مرّ تخريج ذلك مفصّلا في الصفحة 93 هـ 2 من هذا الجزء ; فراجـع! (6) انـظـر: صـحـيـح البخـاري 5 / 96 ح 223 و ص 290 ح 262 و ج 6 / 40 ح 450 و 451 و ج 8 / 230 ح 6 و ج 9 / 132 ح 47، صحيح مسلم 7 / 131، سنن الترمذي 5 / 635 ح 3816، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 53 ح 8185 و 8186، مسند أحمد 2 / 20 و 106 و 110، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ 2 / 1052 ح 1525 و ص 1054 ح 1529، مسند أبي يعلى 9 / 352 ح 5462 و ص 390 ح 5518، مصنّف عبـد الرزّاق 11 / 234 ح 20413، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 532 ح 3، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 2 / 146، المغازي ـ للواقدي ـ 3 / 1119، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ 6 / 65، تاريخ الطبري 2 / 224 ـ 225، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 9 / 94 ح 7004، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ 1 / 12، تاريخ دمشـق 8 / 58 ـ 62.