وفيـه: مع مخالفته لقول من أُنزل عليه القـرآن، ولظاهر اللفظ، إنّـه لا معنى لسؤال الأجر على التبليغ ممّن لم يعترف له بالرسالة ; لأنّ المقصود على هذا التفسـير هو السؤال من الكافرين، ولذا قال في " الكشّاف " في بيانه: " والمعنى: إنْ أبيتم تصديقي فاحفظوا حقّ قرابتي ولاتؤذوني "(1). أقـول: وفي جعل معنى ( لا أسألكم عليه أجراً ): " إنْ أبيتم تصديقي " نظـرٌ ظاهر. ومثل هذا المحكيّ عن ابن عبّـاس في البطلان، ما ذكره الفضل من المعنى على الاسـتثناء المنقطع، فإنّ المنقطع عبارة عن إخراج ما لولا إخراجه لتوهّم دخوله في حكم المسـتثنى منه نظير الاسـتدراك. وأنت تعلم أنّ المستثنى الذي ذكره الفضل أجنبيٌّ عمّا قبله بكلّ وجه، فلا يتوهّم دخوله في حكمه حتّى يُستثنى منه. وأعظم من هذين التفسيرين في البطلان، ما رواه بعض القوم عن ابن عبّـاس، من أنّ المعنى: " لا أسألكم أجراً على التبليغ إلاّ مودّة الله بالتقرّب إليـه "(2)، فإنّ القربى لم تأت بمعنى التقرّب، مع أنّه مناف للأخبار السابقة المعتبرة عن ابن عبّـاس(3). والحقّ أنّ هذه التفاسير من تحريف الكلم عن مواضعه، الذي يدعو إليه العناد والتعصّب، فلا ريب لكلّ منصف في أنّ المراد بالقربى: القرابة، وأنّ المقصود: عليٌّ وفاطمـة والحسـنان، كما نطقت به الأخبار. وقول الفضـل: " وظاهر الآية على هذا المعنى شامل لجميع قرابات
(1) الكـشّاف 3 / 467. (2) انظر: تفسير القرطبي 16 / 16 ـ 17، جواهر العقدين: 323. (3) راجع الصفحات 381 و 383 و 387 من هذا الجزء.