وبذلك يُعلـم أفضليّـة الحسـن والحسـين، فضـلا عـن أميـر المؤمنيـن (عليه السلام) والزهراء (عليها السلام)، على جميع الصحابة وأقارب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم). فإنّ اسـتعانة سـيّد النبـيّـيـن بهما في الدعاء بأمر الله سـبحانه مع صغرهما، ووجود ذوي السنّ من أقاربه، وأصحابه، لأعظم دليل على امتيازهما بالشرف عند الله، وتميّزهما مع صغرهما بالمعرفة والفضل، ولذا قال: ( ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )، فجعل الحسـنين ممّن تشمله اللعنة لو كانا من الكاذبين، وأشركهما في تحقيق دعوة الإسلام، وتأيـيد دين الله.. فكانا شريكَي رسول الله، وأمير المؤمنين، والزهراء في ذلك، ممتازَين على الأُمّة كما امتاز عيسى وهو صبيٌّ على غيره. فظهر دلالة الآية الكريمة على أفضلية الأربعة الأطهار، ولا سيّما أمير المؤمنين (عليه السلام) ; لأنّها جعلته نفس النبيّ، وعبّرت عنه بالأنفس بصيغة الجمع، كما عبّرت عن فاطمة بالنساء للإعلام من وجه آخر بعظمهم. وقول الفضل: " والمراد بالأنفس ها هنا الرجال "، باطل لوجهين: الأوّل: إنّ أمر الشخص نفسه ودعوته لها مستهجن ومخالف لِما ذكره الأُصوليّون من أنّ المتكلّم لا يشمله خطابُه، فإذا قال: يا أيّها الناس اتّقوا الله ; لا يكون من المخاطَبين، وإذا دعا الجماعة لا يكون من المدعوّيـن(1). الثاني: ما نقله ابن حجر في (صواعقه) عند ذِكر الآية، وهي الآية التاسعة من الآيات النازلة في أهل البيت (عليهم السلام)، عن الدارقطني: " إنّ عليّـاً
(1) انظر مثلا: التبصرة في أُصول الفقه: 73، إرشاد الفحول: 225 ـ 226.