لا يَهِدِّي إلاّ أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون )(1). ثمّ إنّ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لم يسجد أحدُنا لصنم قطّ " إشارة إلى انتفاء مانع النبوّة والإمامة عنهما، أعني: المعصية والظلم المذكور في تلك الآية بقوله سبحانه: ( لا ينال عهدي الظالمين )(2). فيكون معنى كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم): انتهت إليَّ وإلى عليّ دعوة إبراهيم لذرّيّته ; لانتفاء الظلم عنّا الذي جعله الله مانعاً عن نيل الإمامة، فاتّخذني نبيّـاً وعليّـاً وصيّـاً. وإنّما خصّ السجود للصنم بالذِكر دون سائر الظلم والمعصية ; لأنّه الفرد الأهمُّ في الانتفاء، وابتلاء عامّة قومه به. فالمقصود إنّما هو بيان انتفاء المانع المذكور في الآية عنهما، لا بيانَ أنّ عدم السجود للصنم علّة تامّة لانتهاء الدعوة إليهما، حتّى تلزم إمامة كلّ مَن لم يسجد لصنم، وإن كان جاهلا عاصياً.. ولا بيانَ كون عدم السجود للصنم فضيلةً مختصّةً بهما في دائم الدهر، حتّى يقال بمشاركة كلّ من وُلد على الإسلام لهما. ولا بيانَ أنّ عدم السجود للصنم سبب تامٌّ للأفضلية، حتّى يقال: إنّ بعض مَن تاب عن الكفر أفضل ممّن وُلد على الإسلام. ثمّ إنّ المراد بانتهاء الدعوة إليهما: وصولها إليهما، لا انقطاعها عندهما ; لتعديته بـ " إلى "، فلا ينفي إمامة الحسن والحسين، والتسعة من بعدهما، وقد ظهر بذلك بطلان ما لفّـقه ابن تيميّة في المقام(3)، ويظهر منه
(1) سورة يونس 10: 35. (2) سورة البقرة 2: 124. (3) انظر: منهاج السُـنّة 7 / 133 ـ 135.