الذِكر في الكتاب المجيد، ناشئة من أهليّة مَن به العناية، وامتيازه بالقرب إلى الله تعالى، وارتقائه على كلّ المؤمنين بالفضل والطاعة، وهي مختصّة بأمير المؤمنين ; ولذا نزلت الآية به دون غيره من الصحابة. فيكون أفضل الأُمّة وإمامها بشهادة تعظيم الله سبحانه له، حيث عبّر عنه: بـ ( الّذين آمنوا وعملوا الصالحات )، كنايةً عن أنّه بمنزلتهم جميعاً في الإيمان والعمل الصالح، لكونه إمامهم، وسبب إيمانهم وعملهم الصالحات ; ولذا قال رسول الله في حقّه يوم الخندق: " برز الإيمان كلّـه إلى الشرك كلّه "(1).. وقال: " ضربة عليّ تعدل عبادة الثقلين "(2). ثمّ إنّه بمقتضى رواية " الصواعق "(3) تكون العناية ثابتة أيضاً لأبناء أمير المؤمنين الطاهرين، فتثبت لهم الإمامة أيضاً. وأمّا ما ذكر الفضل من دلالة الآية على وجوب محبّته (عليه السلام)، فخلاف الظاهر ; لأنّ المراد بالجعل فيها على الأظهر هو التكوين لا التكليف كما عرفته من كلام " الكـشّاف "(4). ولو سُلّم، فهو أيضاً دالٌّ على الإمامة ; لأنّ إيجاب المودّة على الإطلاق مسـتلزم لوجوب الطاعة مطلقاً، المستلزم للإمامة وللعصمة التي هي شرط الإمامة، فإذا فُقد هذا الشرط عن غيره بالإجماع والضرورة تعيّنت إمامتـه (عليه السلام). (1) شرح نهج البلاغة 13 / 285، حياة الحيوان ـ للدميري ـ 1 / 274، ينابيع المودّة 1 / 281 ح 2 و ص 283 ـ 284 ضمن ح 7. (2) المواقف: 412، شرح المقاصد 5 / 298، شرح المواقف 8 / 371، السيرة الحلبية 2 / 642 ـ 643. (3) الصواعق المحرقة: 261. (4) الكشّاف 2 / 527.