ويسـتدلّون عليه بالدلائل الحقّة.. فـفيه: إنّا لا ننكر إثباتهم له، لكـنّا نقول: إنّه ليس لازماً على مذهبهم ; لقولهم: بأنّه لا يقبح منه شيء، ولا يجب عليه شيء، وأنّه خلق جميع أضاليل الكون. وليته ذكر لنا بعض تلك الدلائل الحقّة لهم، فإنّا لا نعرف دليلا لهم غير دعوى العادة التي ستعرف ما فيها. وما ذكره من الترديد في مراد المصنّف: نختار منه الشقّ الأوّل، وهو: إنّ الله تعالى خلق دعوى المحقّ والمبطل. ونقول: إذا كان الله خالقاً لدعواهما ولم يقبح عليه، فما المانع من أن يخلق لكلّ منهما معجزة، ويضلّ الناس بمعجزة الكاذب، كما خلق سائر الأضاليل وكفرهم به وبالأنبياء الصادقين؟! ويمكن أن نختار الشقّ الثاني ونقول: قد حقّـقنا أنّ خالق الشيء وموجده لا بُـدّ أن يكون مريداً له، راضياً به، فيلزم من خلق الله تعالى لدعوى المبطل رضاه بها، وإلاّ فما الذي ألجأه إلى خلقها؟! كما يلزم من خلقه للكفر رضاه به، وعليه يكون قوله تعالى: ( إنّ الله... لا يرضى لعباده الكفر )(1) كاذباً على مذهبهم. وأمّا ما ذكره من حديث العادة، فباطل ; لجواز كذب كلّ ذي معجزة فضلا عن بعضهم، ولا علم لنا بعادة الله في الأنبياء، فإنّها غيب، ولا طريق غيرها بزعمهم إلى العلم بصدق ذي المعجزة. ولو سُـلّم تحقّق العادة، فإنّما هو عند من يعرف الشرائع، وأمّـا من