والأَوْلى في الجواب أنّ بني إسرائيل لمّا كفروا واتّخذوا العجل، أراد موسى (عليه السلام) أن يبيّن لهم عظيم جرمهم وشديد سخطه عليهم، فألقى الألواح الكريمة إظهاراً للضجر من فعلهم، وأخذ برأس أخيه يجرّه إليه مع علمه ببراءة ساحته، تفظيعاً لعملهم، وتنبيهاً لهم على سوء ما أتوا به، وعلى مساءته منهم من باب: إيّاك أعني واسمعي يا جارَة(1)، كما هو في القرآن كثير، قال تعالى: ( لئن أشركت ليحبطنّ عملك )(2)، مع علمه سبحانه بأنّه معصوم عن الشرك.. وقال تعالى: ( ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل... )(3) الآية.. فيكون فِعل موسى لمصلحة انزجارهم عن الكفر حتّى أظهر لأخيه أنّـه ينبـغي مفارقـتهم واتّبـاعه له لعظيم ما جاءوا به، فيكون فِعله راجحـاً لا حراماً، بخلاف فقء عين ملَك الموت، فإنّه لا مصلحة فيه البتّة! واعلم أنّه ليس في الآية الكريمة أنّ موسى كسر الألواح وضرب أخاه كما ادّعاه الخصم، ولكن حمله على ذلك هضم الحقّ والتهويل على الغافلين. وأمّا قوله: " وأمّا عند ابن المطهّر فهي محمولة على ذنوب الأنبياء ".. فـفيه: إنّ الطاهر ابن المطهّر لا ينكر إلاّ ما هو صريح بالذنب والجهل، كرواية فقء عين ملك الموت، لا على ما يقرّب فيه التوجيه ويتّضح فيه الحمل كالآية الشريفة، فتدبّر واسـتقم! (1) مجمع الأمثال 1 / 80 رقم 187. (2) سورة الزمر 39: 65. (3) سورة الحاقّـة 69: 44.