نحو إتقان الکتابة باللغة العربیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
[كان أجدادنا العلماء - قبل ابتكار علامات الترقيم - يكتبون بالعربية الفصيحة. ولم يستعملوا الواو (للتعويض)، إذْ لم يكن وارداً التعويض عن شيءٍ لا وجود له... وإنما استعملوها حيث يجب استعمالها... ومَنْ يقرأ الكتب التراثية القديمة يجدْ صعوبة أحياناً في إيجاد موضع الوقف للفصل بين جملتين، برغم حروف الواو التي أكثَرَ علماؤنا - كما قال صاحبنا - من استعمالها...].أرجو القارئ أن ينظر في المقطع السابق المحصور بين معقوفين، وأن يحذف في ذهنه حروف الواو المطبوعة بحرف ثخين. كيف تصبح العبارة حينئذ؟ ألمْ تَخْتفِ السلاسة؟هذا عن الكلام المكتوب. فماذا عن الكلام المنطوق به؟ هل كان فصحاء المتحدثين يُقحمون الواو للتعويض؟! وعَمَّ يعوّضون؟!!!جاء عن أفصح العرب، عليه الصلاة والسلام، أنه قال:"لا تزولُ قَدَمَاْ عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن عُمُرِه فِيْمَ أَفْناه، وعن عمله فيم فَعَلَ، وعن مالِهِ من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أَبْلاه."وجاء في الدعاء المأثور عن النبي العربي الكريم:"اللهمَّ اهْدِني فِيْمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتَوَلَّني فيمن تَوَلَّيْت، وبارك لي فيما أعطيت، وقِنِيْ شَرَّ ما قضيت، فإنّك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يَذِلُّ مَن واليت، ولا يَعِزُّ مَن عاديت، تباركتَ ربَّنا وتعاليت."هل يمكن حذْف الواوات التي وضعتُ قبلها فواصل؟!!لا أرى - بعد هذا - حاجة إلى إيراد نماذج أخرى من كلام أئمة البلاغة كالجاحظ وغيره...قال صاحب (الكليّات) أبو البقاء الكفوي (5/8): "وما يذكره أهل اللغة من أن الواو قد تكون للابتداء والاستئناف، فمرادهم أن يبتدئ الكلام بعد تقدم جملة مفيدة، من غير أن تكون الجملة الثانية تشارك الأولى. وأما وقوعها في الابتداء من غير أن يتقدم عليها شيء، فَعَلى الابتدائية المجردة، أو لتحسين الكلام وتزيينه، أو للزيادة المطلقة."