هذه الأعمال المغلوطة و المواقف المنحرفةهي التي تصادر وسائل المعرفة من الإنسان،و لهذا السبب فإنّ المقصّر الأصلي هوالإنسان، و هو الذي جنى على نفسه.الآيات أعلاه تشبيه معبّر عن هذه المسألةالمهمّة و المصيرية، فهي تشبه المستكبرينو المتعصّبين و الأنانيين و المنافقينبالمقيدين بالأغلال و السلاسل من جهة،سلاسل الكبر و الهوس و الغرور و التقليدالأعمى الذي وضعوه على أعناقهم و أياديهم.و بأولئك المحاصرين بين سدّين منيعين لايمكن عبورهما.و من جهة اخرى فإنّ أعينهم مغلقة و لاتبصر.الغلّ و السلاسل وحدها تكفي لمنعهم منالحركة، و السدّان العظيمان أيضا وحدهماكافيان لمنعهم من الفعّالية، انعدامالبصر وحده أيضا عامل مستقل.هذان السدّان عاليان و متقاربان إلى حدّأنّهما وحدهما كافيان لسلبهم القدرة علىالإبصار، كما أنّهما كافيان لسلبهم قدرةالحركة. و قد كرّرنا القول بأنّ الإنسانتبقى هدايته ممكنة ما لم يصل إلى تلكالمرحلة، أمّا حينما يبلغ تلك المرحلة،فلو اجتمع جميع الأنبياء و الأولياء عليهمالسّلام أيضا و قرءوا له جميع الكتبالسماوية، فلن يؤثّر ذلك فيه.و ذلك ما تمّ التأكيد عليه، سواء في آياتالقرآن أو الروايات، و هو أنّ الإنسان إذازلّت قدمه أو ارتكب ذنبا فعليه أو يتوبفورا و يتوجّه إلى اللّه، و أن يبتعد عنالتسويف و التأخير، و الإصرار و التكرار،و من أجل أن لا يصل إلى تلك المرحلة عليه أنينظف صدأ القلب، و يدمّر السدود و الموانعالصغيرة قبل أن تتحوّل إلى سدود كبيرة وعظيمة، و يحتفظ بمساره و تكامله و ينفضالغبار عن عينيه لكي يتمكّن من الإبصار.