الصفتين هو ذلك الاستعداد الذاتي و ما هوموجود فيهم «بالقوّة». أي أنّ الإنذاريؤثّر فقط في أولئك الذين لهم أسماع واعيةو قلوب مهيّأة، فالإنذار يترك فيهم أثرين:الأوّل إتّباع الذكر و القرآن الكريم، والآخر الإحساس بالخوف بين يدي اللّه والمسؤولية.و بتعبير آخر فإنّ هاتين الحالتينموجودتان فيهم بالقوّة، و إنّها تظهر فيهمبالفعل بعد الإنذار، و ذلك على خلافالكفّار عمى القلوب الغافلين الذين لايملكون اذنا صاغية و ليسوا أهلا للخشية مناللّه أبدا.هذه الآية كالآية من سورة البقرة حيث يقولتعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِهُدىً لِلْمُتَّقِينَ.2- باعتقاد الكثير من المفسّرين أنّالمقصود من «الذكر» هو «القرآن المجيد».لأنّ هذه الكلمة جاءت بهذه الصورة مرارافي القرآن الكريم لتعبّر عن هذا المعنى«1»، و لكن لا مانع من أن يكون المقصود منهذه الكلمة أيضا المعنى اللغوي لها بمعنىمطلق التذكير، بحيث يشمل كلّ الآياتالقرآنية و سائر الإنذارات الصادرة عنالأنبياء و القادة الإلهيين.3- «الخشية» كما قلنا سابقا، بمعنى الخوفالممزوج بالإحساس بعظمة اللّه تعالى، والتعبير بـ «الرحمن» هنا و الذي يشير إلىمظهر رحمة اللّه العامّة يثير معنى جميلا،و هو أنّه في عين الوقت الذي يستشعر فيهالخوف من عظمة اللّه، يجب أن يكون هنالكأمل برحمته، لموازنة كفّتي الخوف والرجاء، اللذين هما عاملا الحركةالتكاملة المستمرة.الملفت للنظر أنّه ذكرت كلمة «اللّه» فيبعض من الآيات القرآنية في مورد 1- انظر النحل: 44 و فصّلت: 41، و الزخرف: 44 والقمر: 25، و في نفس الوقت فإنّ لفظة «ذكر»تكرّرت في القرآن كثيرا بمعنى «التذكيرالمطلق».