التعبير يدلّل على أنّ النهار خلق قبلالليل، و الليل بعده تماما، فلو أنّ أحدانظر من خارج الكرة الأرضية فسيرى موجودينأسود و أبيض يدوران بشكل مرتّب حول الأرض،و في مثل هذه الحركة الدائرية لا يمكنتصوّر القبل و البعد فيها.و لكن إذا أخذنا بنظر الإعتبار أنّ الأرضالتي نعيش عليها كانت يوما ما جزءا منالشمس، و في ذلك الوقت لم يكن سوى النهار،و لا وجود لليل، ثمّ بعد أن انفصلت الكرةالأرضية عن الشمس و ابتعدت تكون لها ظلّمخروطي الشكل من الجهة المخالفة للشمسفكأنّ الليل، الليل الذي أصبحت حركته بعدالنهار، نعم، لو توجّهنا لكلّ ذلك لاتّضحتدقّة و لطافة هذا التعبير.و كما قلنا سابقا فليس الشمس و القمروحدهما يسبحان في هذا الفضاء المترامي، بلإنّ الليل و النهار أيضا يسبحان حول الكرةالأرضية، و كلّ منهما له مدار و مسيردائري.و قد ورد في روايات متعدّدة عن أهل البيتعليهم السّلام التصريح بأنّ اللّه سبحانهو تعالى خلق النهار قبل الليل.فعن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه قالجوابا على سؤال في حديث طويل: «نعم خلقالنهار قبل الليل، و الشمس و القمر و الأرضقبل السماء» «1».و عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّه قال:«فالنهار خلق قبل الليل و في قوله تعالى:لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْتُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّيْلُسابِقُ النَّهارِ أي قد سبقه النهار» «2».و ورد نفس المعنى عن الإمام الباقر عليه السّلام حين قال:«إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق الشمس قبل القمر،و خلق النور قبل الظلمة» «3». 1- نور الثقلين، ج 4، ص 387، ح 55.2- نور الثقلين، ج 4، ص 387، ح 53.3- نور الثقلين، ج 4، ص 387، ح 54.