الأمور.و ما نلاحظه من تنكير التوصية في التعبيرالقرآني هنا إنّما هو إشارة إلى أنّالفرصة لا تسنح حتّى لوصية صغيرة أيضا.ثمّ تشير الآيات إلى مرحلة اخرى، مرحلةالحياة بعد الموت. فتقول: وَ نُفِخَ فِيالصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِإِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ.التراب و العظام الرميم تلبس الحياة منجديد، و تنتفض من القبر بشرا سويّا، ليحضرالمحاكمة و الحساب في تلك المحكمة العظيمةالمهولة، و كما أنّهم ماتوا جميعا بصيحةواحدة، فبنفخة واحدة يبعثون أحياء منجديد، فلا هلاكهم يشكّل عقبة أمام قدرةاللّه سبحانه و تعالى، و لا حياتهم كذلك،تماما كما هو الحال في جمع الجنود فيالجيوش، بنفخة بوق واحدة ينهضون جميعا منفرشهم و يخرجون من خيمهم، و يقفون في صفّواحد، و إحياء الموتى و بعثهم بالنسبة إلىاللّه سبحانه بهذه البساطة و السرعة.«أجداث» جمع «جدث» و هو القبر، و التعبيريشير بوضوح إلى أنّ للمعاد جنبة جسمانيةبالإضافة إلى الجنبة الروحية، و أنّ الجسديعاد بناؤه جديدا من نفس المواد السابقة.و استخدام صيغة الماضي في الفعل «نفخ»إشارة إلى عدم وجود أدنى شكّ في وقوع مثلهذا الأمر، و كأنّه لثباته و حتميته قد وقعفعلا.«ينسلون» من مادّة «نسل» و النسلالانفصال عن الشيء- كما يقول الراغب فيالمفردات و يضيف- يقال: نسل الوبر عنالبعير و القميص عن الإنسان، و ..و منه نسل إذا عدا، و النسل الولد لكونهناسلا عن أبيه.و قوله تعالى: رَبِّهِمْ كأنّها تلميح إلىأنّ ربوبية و مالكية و تربية اللّه كلّهاتوجب أن يكون هناك حساب و كتاب و معاد.و على كلّ حال، فإنّه يستفاد من الآياتالقرآنية أنّ نهاية هذا العالم و بداية