هو نفس أعمالكم، فأي عدالة أفضل و أعلى منهذه العدالة؟! و بعبارة اخرى: فإنّ الأعمالالحسنة و السيّئة التي قمتم بها في هذهالدنيا سترافقكم في ذلك العالم أيضا، ونفس تلك الأعمال ستتجسّد هناك و ترافقكمفي جميع مراحل الآخرة، في المحشر و بعدنهاية الحساب.فهل أنّ تسليم حاصل عمل إنسان إليه أمرمخالف للعدالة؟ و هل أنّ تجسيد الأعمال و قرنها بعاملهاظلم؟ و من هنا يتّضح أن لا معنى للظلم أساسا فيمشهد يوم القيامة، و إذا كان يحدث فيالدنيا بين البشر أن تتحقّق العدالة حيناو يقع الظلم أحيانا كثيرة، فذلك لعدمإمكان ربط الأعمال بفاعليها.جمع من المفسّرين تصوروا أنّ الجملةالأخيرة أعلاه تتحدّث عن الكفّار والمسيئين الذين سيرون عقابا على قدرأعمالهم، دون أن تشمل المؤمنين، بلحاظ أنّاللّه سبحانه و تعالى قد جزاهم و أثابهمبأضعاف ما يعادل أعمالهم.و لكن بملاحظة ما يلي ينحلّ هذا الاشتباه،و هو أنّ الحديث هنا هو حديث عن العدالة فيالثواب و العقاب و أخذ الجزاء حسبالاستحقاق، و هذا لا ينافي أنّ اللّهسبحانه و تعالى يريد أن يزيد المؤمنين منفضله، فهذه مسألة «تفضل» و تلك مسألة«استحقاق».ثمّ تنتقل الآيات لتتعرّض إلى جانب منمثوبة المؤمنين العظيمة، و قبل كلّ شيءتشير إلى مسألة الطمأنينة و راحة البالفتقول: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِالْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ.«شغل»:- على وزن سرر- و «شغل»- على وزن لطف-:كليهما بمعنى العارض الذي يذهل الإنسان ويصرفه عن سواه، سواء كان ممّا يبعث علىالمسرّة أو الحزن، و لكن لإلحاقه كلمة«فاكهون» التي هي جمع «فاكه» و هو المسرورالفرح الضاحك، يمكن استنتاج أنّ المعنىإشارة إلى الإنسان المشغول بنفسه