و من جانب آخر، أخذ عليه العهد بطاعةاللّه سبحانه و تعالى، لأنّ سبيله هوالصراط المستقيم، و هذا في الحقيقة أعظممحرّك للبشر، لأنّ الإنسان- مثلا- لو كانفي وسط صحراء قاحلة محرقة، و كانت حياته وحياة عياله في معرض خطر قطّاع الطرق والضواري، فأهمّ ما يفكّر به هو العثور علىالطريق المستقيم الآمن الذي يؤدّي إلىالمقصد، الطريق السريع و الأسهل للوصولإلى منزل النجاة.و يستفاد كذلك من هذا التعبير ضمنا بأنّالدنيا ليست بدار القرار، إذ أنّ الطريقلا يرسم لأحد إلّا لمن يريد الذهاب إلىمقصد آخر.و للتعريف بهذا العدو القديم أكثر فأكثريضيف تعالى: وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْجِبِلًّا كَثِيراً أَ فَلَمْ تَكُونُواتَعْقِلُونَ.ألا ترون ماذا أحلّ بأتباعه من المصائب.ألم تطالعوا تأريخ من سبقكم لتروابأعينكم أي مصير مشؤوم وصل إليه من عبدالشيطان؟ آثار مدنهم المدمّرة أمامأعينكم، و العاقبة المؤلمة التي وصلواإليها واضحة لكلّ من يمتلك القليل منالتعقّل و التفكّر.إذن لماذا أنتم غير جادّين في معاداة منأثبت أنّه عدو لكم مرّات و مرّات؟ و لا زلتم تتّخذونه صديقا بل قائدا ووليّا و إماما!! «الجبلّ» الجماعة تشبيهابالجبل في العظم (كما يقول الراغب فيمفرداته).و «كثيرا» للتأكيد على كثرة من اتّبعالشيطان من كافّة المستويات الاجتماعيةفي كلّ مجتمع.ذكر بعضهم أنّ «الجبلّ» بحدود عشرة آلافنفر، أو أكثر، و ما دون ذلك لا يكون جبلّا«1»، و لكن البعض الآخر لم يلتزم بتلكالأرقام «2».و على كلّ حال، فإنّ العقل السليم يوجبعلى الإنسان أن يحذر بشدّة من عدوّ 1- انظر روح المعاني و الفخر الرازي.2- المصدر السابق.