سبحانه و تعالى قادر على تعريضهم لمثل هذاالعذاب في الدنيا، و لكن للطفه و رحمتهفإنّه يمتنع عن ذلك، فقد ينتبه هؤلاءالمعاندين و يرجعوا عن غيّهم إلى طريقالحقّ.و لكن يوجد احتمال آخر أيضا، و هو أنّالآيات تشير إلى العقوبات الإلهيّة في يومالقيامة لا في الدنيا، و في الحقيقة فهوتعالى بعد أن أشار إلى «الختم علىأفواههم» في الآية السابقة، يشير هنا إلىنوعين آخرين من العقوبات التي لو شاءلأجراها عليهم:الأوّل: الطمس على عيونهم بحيث لا يمكنهمرؤية «الصراط» أي طريق الجنّة.الثاني: أنّ هؤلاء الأفراد بعد أن كانوافاقدين للحركة في طريق السعادة فإنّهميتحوّلون إلى تماثيل ميتة في ذلك اليوم ويظلّون حيارى في مشهد المحشر، و ليس لهمطريق للتقدّم أو للتراجع، إنّ تناسبالآيات- طبعا- يؤيّد هذا التّفسير الأخير،و إن كان أكثر المفسّرين قد اتّفقوا علىقبول التّفسير السابق «1».الآية الأخيرة من هذه المجموعة تشير إلىوضع الإنسان في آخر عمره من حيث الضعف والعجز العقلي و الجسمي، لتكون إنذارا لهمو ليختاروا طريق الهداية عاجلا، و لتكونجوابا على الذين يلقون بمسؤولية تقصيرهمعلى قصر أعمارهم، و كذلك لتكون دليلا علىقدرة اللّه سبحانه و تعالى، فالقادر علىأن يعيد ذلك الإنسان القوي إلى ضعف و عجزالوليد الصغير .. قادر على مسألة المعادبالضرورة، و على الطمس على عيون المجرمينو منعهم عن الحركة، كذلك تقول الآيةالكريمة: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُنُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلايَعْقِلُونَ.«ننكّسه» من مادّة «تنكيس» و هو قلبالشيء على رأسه. و هي هنا كناية عن 1- ذكر صاحب تفسير «في ظلال القرآن» هذاالتّفسير على انّه الوحيد، في حين انّالتّفسير السابق اختاره كلّ من تفسير:مجمع البيان- التبيان- الميزان- الصافي-روح المعاني- روح البيان- القرطبي-التّفسير الكبير.