في العظمة و المتناهية التنظيم و الدقّةفي قوانينها، كيف لا يكون قادرا على إحياءالموتى؟ و لكون الجواب على هذا السؤال واضحا، وكامنا في كلّ قلب و روح، فإنّ الآية لاتنتظر الجواب، إنّما تردف مضيّفة «بلى» وتتابع مؤكّدة على صفتين للّه سبحانه وتعالى- الخالقية و العلم المطلق- و ذلك فيحقيقته دليل على الكلام المتقدّم، فإذاكنتم تشكّون في قدرته على الخلق فهو«الخلّاق» (و هي صيغة مبالغة).و إذا كان جمع هذه الذرّات يحتاج إلى علمأو معرفة فهو «العليم» المطلق.أمّا على ماذا يعود الضمير في «مثلهم» فقداحتمل المفسّرون احتمالات عديدة، و لكنأشهرها هو القول بعودة الضمير على «البشر»و المعنى: إنّ خالق السماء و الأرض قادرعلى خلق مثل البشر.و هنا يأتي السؤال التالي و هو لماذا لميقل: قادر على أن يخلقهم من جديد، بل قال:بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَمِثْلَهُمْ؟ و للإجابة على هذا السؤال ذكرت أجوبةكثيرة، يبدو أقربها: أنّ بدن الإنسان عندما يتحوّل- أو بالأحرى يتحلّل- إلى تراب،فإنّه يفقد الصورة النهائية التي كانعليها، و في يوم القيامة عند ما يعاد خلقهذا الإنسان من جديد، فإنّه سيخلق من نفسالمواد و لكن بصورة جديدة تشبه الصورةالقديمة، بلحاظ أنّ عودة نفس الصورةالقديمة- بالأخصّ إذا أخذنا في الإعتبارقيد الزمن- غير ممكن، و خصوصا إذا علمنا-مثلا- أنّ الإنسان لا يحشر بجميعالمواصفات و الكيفية التي كان عليهاسابقا، فإنّ الشيبة و الشيوخ- مثلا- يحشرونشبّانا، و المعلولين يحشرون سالمين، وهكذا.و بتعبير آخر، فإنّ بدن الإنسان كالطابوقالطيني غير المفخور- اللبن- الذي يمرّ عليهالزمان فيتهدّم و يصبح ترابا، ثمّ يجمع منجديد و تصنع منه خميرة الطين و يوضع فيقالب مرّة اخرى و يصنع لبنا جديدا مرّةاخرى. فهذا «اللبن» هو من