مراكز القوى، لأنّهم يعدّون في نظرالآخرين متّحدين أيضا، و لكن عند ما يوصفالملأ بـ (الأعلى) فذلك إشارة إلى الملائكةالكرام ذوي المقام الأرفع و الأسمى.«يقذفون» مشتقّة من (قذف) و تعني رميالشيء إلى مكان بعيد، و المقصود هنا طردالشياطين بواسطة الشهب، التي سنتطرّق لهافيما بعد، و هذا يوضّح أنّ الباري عزّ وجلّ لا يسمح للشياطين بالاقتراب من الملأالأعلى.«دحورا» مشتقة من (دحر)- على وزن (دهر)- وتعني طرد الشيء و دفعه، أمّا كلمة (واصب)فإنّها تعني المرض المزمن، و بصورة عامّةتعني الدائم و المستمر، و في بعض الأحيانتعني (الخالص) «1».و هنا إشارة إلى أنّ الشياطين لا يطردون ولا يمنعون من الاقتراب من السماء فحسب، بلسيصيبهم في النهاية- مع ذلك- عذاب دائم.و أشارت الآية أيضا إلى طائفة من الشياطينالشريرة التي تحاول الصعود إلى السماءالعليا لاستراق السمع، و إلى المصير الذيينتظرها هناك، كما جاء في الآية الشريفةإِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَفَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ.«الخطفة» أي اختلاس الشيء بسرعة.و «الشهاب» شيء مضيء متولّد من النار،و يرى نوره في السماء على شكل خطّ ممتدّ.و كما هو معروف فإنّ الشهب ليست نجوما، وإنّما تشبه النجوم، و هي عبارة عن قطعصغيرة من الحجر متناثرة في الفضاء، عند ماتدخل في مجال جاذبية الأرض، تنجذب نحوها،و نتيجة دخولها بسرعة إلى جوّ الأرض واحتكاكها الشديد مع الهواء المحيط بالكرةالأرضية فإنّها تشتعل و تحترق.و كلمة «ثاقب» تعني النافذ و الخارق، وكأنّه يخترق العين بنوره الشديد و يثقبها،و هذه إشارة إلى أنّ الشهاب يثقب كلّ شيءيصيبه و يحرقه. 1- لقد تمّ بحث كلمة «واصب» أيضا في نهايةالآية (52) من سورة النحل.